في أيِّ سياقٍ جاءت؟
تقول العبارة المُحكمة كما لو أنها نتيجة حتمية أثبتتها التجارب: (القارئ لا يسرق، والسارق لا يقرأ). ومع إنها تتكرر عشرات المرات يوميّاً في الـ« فيسبوك» مع صور الكتب الممتدة على الأرصفة ونظيرتها المُتاحة للاستعارة في الحدائق والمقاهي ومواقف الباصات ضمن ما يُسمى «مكتبات الشارع المجانيّة»، إلا أن أحداً لم يذكر مصدراً للعبارة، من هو قائلها وفي أيِّ سياقٍ جاءت، وتاليّاً كيف لنا أن نستسلم لها كخُلاصة أو خاتمة أو حصيلة، ولا سيما أنها تجمع بين مفهومين أو فكرتين فيهما من الجدل الكثير(القراءة) و(السرقة).
من قال إنّ القراء متشابهون، وإنّ القراءة فعلٌ يعيشه الجميع بالطريقة نفسها، وهل يعني هذا أن اللصوص لم يُفكروا يوماً بسرقة مكتبة، وهو ما تنفيه أخبار سرقات الكتب الأثرية والنسخ الأولى من مُؤلفات شهيرة ومفقودة حتى إن أحدهم سرق قبل أعوام نُسخةً أصليّة من كتابٍ يُوثق لشخصية «سبايدرمان»!، ربما سرقه ليقرأه أو ليبيعه أو بداعي الفضول، لكن السرقة تبقى سرقة، ولا مسمىً آخر لها.
توصيفنا هذا لن يبدو مبالغاً فيه فيما لو استحضرنا سرقات أدبيّة طالت روايات وكتباً وقصائد، وامتدت أيضاً إلى مقالات وبحوث ودراسات ورسائل دكتوراه، وهو ما تفاعلت معه جامعة دمشق منذ أيام في سابقة أولى في تاريخها، بإعلانها سحب شهادة الدكتوراه من إحدى الطالبات بعد شكوى رسمية قدمها صاحب البحث الأساسي الذي (اسُتلّت) منه رسالة الدكتوراه الممنوحة منذ 6 سنوات!. وسواء كانت الكلمة المُستخدمة هنا هي «استلال» أو «سرقة» أو «اختلاس» أو «أخذْ» فهي لا شك فعلٌ لا أخلاقي يُقارب عشرات القضايا التي توجه أصحابها إلى المحاكم أو اكتفوا بإثارتها في الأوساط الأدبيّة والإعلاميّة أملاً في إنصافهم والاعتراف بما سُرِق من أفكارهم وكتاباتهم، لكن ما حصل معظم الأحيان هو أن الأمر تحوّل إلى صدٍ ورد، من دون الوصول إلى الحقيقة.
ربما أراد ناقلو العبارة: (القارئ لا يسرق، والسارق لا يقرأ)، القول من باب الثقة إنه لا داعي لحراسة الكتب، لعلّ بعضهم قالها مستخِفاً، وعلى أي حال (في العبارة خطأٌ يجب تصحيحه).