تمويل خاسر ..!

في غفلة من المكلفين بحمايته .. استفاق المواطن منذ أشهر على شطحات سعرية جنونية كسرت جيوبه مجدداً بهمة تجار أصبحوا خبراء في بورصات التسعير الكيفي، حاملين تحت «إبطهم» حجة ارتفاع سعر الصرف، الذي ضبط بجهود كبيرة مؤخراً من دون التمكن من إلزام حيتان السوق بتخفيض أسعار بضائعهم برغم صدور قانون حماية المستهلك الجديد بعقوباته الرادعة، وانتهاء المهلة الممنوحة للتجار لتسوية أوضاعهم، الذين يبدو أنهم سيظفرون بعطية جديدة عبر تمويل بعض المستوردات بسعر صرف مخفض، وهنا نتساءل عن الضمانات الملزمة لتخفيض أسعار السلع بعد منح المستوردين القطع الأجنبي على طبق من فضة وخاصة أن مثل هذا الإجراء قد جُرب وثبت فشله بعد استغلال بعض التجار ثغراته لتحقيق ثروات طائلة في سرقة موصوفة للمال العام من خلال الاستيراد الوهمي .
تمويل بعض المستوردات هدفه تخفيض أسعار السلع، وهذه خطوة إيجابية لكن يتوجب كي لا تفرغ من أهميتها والحيلولة دون استنزاف القطع الأجنبي لصالح قلة قليلة من التجار، وضع ضوابط معينة تمنع هذا الانحراف المتوقع في ظل مقدرتهم على التملص من تعهداتهم بحجج مختلفة، فاليوم برغم تهليلهم لهذا القرار إلا أن تخفيض أسعار السلع أجلوه حتى إشعار آخر بعد أن رهنوه بطرح البضاعة المسعرة حسب التمويل الجديد، مع وضع قائمة عقبات وطلبات إضافية، وهذا غير مستغرب في ظل استمرار سياسة الدلال لأهل التجارة من دون قيد أو شرط مع إن سجل مبادراتهم طوال سنوات الحرب على سورية لا يبشر بالخير ولا يفصح عن التزام أكيد بطرح المنتجات المستوردة بأسعار مخفضة تنصف المواطن الصابر على «بلاوي» تجار الأزمات وتعوض حجم خسارة القطع الأجنبي المقدم في الوقت نفسه.
الخلاص من داء الغلاء وفوضى الأسواق المستمرين، لا يستلزم تطبيق وصفات مجربة غير مضمونة النتائج وخاصة أن خسارة القطع الأجنبي بهذه المرحلة تعني دق أسفين جديد في جسد اقتصادنا المنهك من آثار الحرب والحصار الغربي الجائر، بينما يستلزم وضع كل ليرة في محلها لإعادة وقوفه على رجليه، فالمطلوب ؛ تسهيلات وقوانين مشجعة فقط تضمن استيراد السلع المطلوبة بلا عقبات وترك التجار يدبرون رؤوسهم «الفالحة» في تجاوز الصعاب إن رغبوا على نحو ينتج منافسة حقيقية تسهم في تخفيض الأسعار تدريجياً مع تحريك وزارة التجارة الداخلية آلياتها ومراقبيها لضبط التجاوزات ومحاسبة المخالفين بموجب القانون الجديد بلا مهادنة أو تساهل، والأهم تفعيل شعار الاعتماد على الذات ودعم القطاعين الزراعي والصناعي، فعند إنتاج سلع زراعية وصناعية محلية ستخف فاتورة الاستيراد حتماً، وسنعود ملوك قرارنا ولقمتنا بعد تحقيق الاكتفاء والأمن الغذائي، وهنا يكمن دواؤنا وخلاصنا من الحصار الأمريكي الظالم وحيتان الأسواق والاستيراد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار