التغير المناخي وإيقاعه النشاز
فرض التغير المناخي إيقاعه النشاز على زراعاتنا وخصوصاً الاستراتيجية منها وفعل فعلته هذا العام في المواسم المهمة منها كالحبوب وخاصة المزروعة بعلاً وهي مساحات لا يستهان بها، وضرب الحبوب كالقمح والشعير والبقوليات بجفافه من دون رحمة وهوادة، وأطاح بجزء من جهود واستعدادات المعنيين بالزراعة بعرض أحلامهم وأمالاهم التي علقوها على عام القمح ، فكان ما كان من مبرر خارج عن إرادة الجميع بعيداً هذه المرة عن غلاء مستلزمات الإنتاج كالفلاحة والسماد والأدوية وغيرها، ما أثقل كاهل الفلاح ودفعه للعزوف عن الزراعة، أو المجازفة بما تبقى لديه من رأسمال من بقايا القروض والأموال التي وفرها للموسم.
تعالت الأصوات وبدأت ورش العمل والدورات التدريبية لمواجهة تأثيرات الجفاف بالتعاون بين الزراعة و«أكساد» من جهة والجامعات من جهة أخرى لاعتماد الخطط والوسائل الكفيلة لدرء مخاطر المناخ، مباركةً كل الجهود المبذولة أياً كانت، لكن باعتقادي أن«عليق الغارة لا ينفع» وكأننا لا نقرأ ولا نتعلم الدروس، إذ تكفي الإشارة إلى أنه في عام 2008 كانت إحدى الجهات العامة المعنية بالتخطيط قد أجرت ما يعادل 15 بحثاً ميدانياً حول المتغيرات المناخية وتأثيراتها على مجمل النشاط الاقتصادي وحتى الصحي وذلك في إطار الاتفاقية المناخية مع منظمات الأمم المتحدة، وتوصلت حينها إلى مقترحات وتوصيات مهمة على صعيد تأثير المناخ على الزراعة وتحديداً منها القمح والأشجار المثمرة كالزيتون، وفي مجال المياه والمراعي والغابات والصحة وغيرها، وهي بالمناسبة دراسات قيّمة أعدها خبراء محليون، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم على ضوء المتغيرات المناخية: ألم يكن من الأفضل العودة لهذه الدراسات وما توصلت إليه من توصيات والأخذ بها توفيراً للجهد والوقت والسرعة في تجاوز تأثيرات المناخ في إيجاد البدائل خاصة أنها احتاجت جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً وأموالاً، أليس حرياً بالجهات المعنية الاستفادة منها لمواجهة الجفاف والمتغيرات المناخية ذلك أن «عليق الغارة لا ينفع»!.