أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ أن منظمة حظر الأسلحة الكيمائية تحولت أداة في لعبة جيوسياسية تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون ، مشيراً إلى أن سورية أوفت بالتزاماتها الناشئة عن انضمامها لاتفاقية الحظر في العام 2013 وتخلصت من مخزونها من تلك الأسلحة ودمرت مرافق إنتاجها بزمن قياسي وفي ظل ظروف صعبة وهي ترفض الضغط والابتزاز السياسي.
وأشار صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم إلى أن القرار غير المسبوق الذي اتخذه مؤتمر الدول الأطراف لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ضد سورية أواخر نيسان الماضي دليل واضح على حجم التلاعب والتسييس والضغوط التي تمارسها تلك الدول داخل المنظمة التي تحولت من منظمة فنية إلى أداة في لعبة جيوسياسية تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون مجدداً رفض سورية بشكل قاطع الاتهامات الباطلة التي كررتها هذه الدول في بياناتها اليوم والتي تعتبرها مجرد وسيلة للضغط والابتزاز السياسي.
وبين صباغ أن استخدام التنظيمات الإرهابية أسلحة كيميائية ومواد كيميائية سامة أو التهديد باستخدامها في سورية شكل منذ العام 2013 حتى الآن خطراً حقيقياً على الشعب السوري وتحدياً جدياً لتنفيذ نظام منع الانتشار والمتمثل في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، لافتاً إلى أن المستهجن هو قيام الدول الراعية لتلك التنظيمات الإرهابية خلال السنوات الماضية بحرف انتباه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والأطراف في اتفاقية الحظر عن مواجهة هذا التهديد الإرهابي الكيميائي وممارستها في الوقت ذاته الضغط على فرق التحقيق المختلفة لفرض أجنداتها وحملها على القيام بأنشطتها بشكل مخالف لطرائق العمل المنصوص عليها في الاتفاقية ووثيقة الشروط المرجعية.
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن هذا النهج التخريبي المتعمد لقواعد عمل المنظمة والذي اتبعه بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن أدى إلى تقديم فرق المنظمة استنتاجات خاطئة قوضت مصداقية ومهنية عملها وحدت من القدرة على مواجهة هذا التهديد الإرهابي ،مؤكداً أن سلوك تلك الدول يتناقض بشكل صارخ مع المسؤوليات الملقاة على عاتقها في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
وأشار صباغ إلى أن سورية دأبت على تزويد الأمم المتحدة ومنظمة الحظر بمعلومات مهمة بشكل متواتر حول حيازة ونقل التنظيمات الإرهابية أسلحة كيميائية ومواد كيميائية سامة لفبركة مسرحيات عن هجمات كيميائية لاتهام الجيش العربي السوري بها ،مبيناً أن التعامل الجدي مع مثل هذه التهديدات الإرهابية يقتضي من المنظمة وأجهزة الأمم المتحدة المعنية إيلاء تلك المعلومات بالغ الاهتمام والتنسيق مع الحكومة السورية لإجراء التحقيقات اللازمة بشأنها إلا أنه ومع الأسف فإن أيا من هذا لم يحدث فالمدير العام لمنظمة الحظر فيرناندو أرياس أوضح أن هناك أكثر من 197 مذكرة قدمتها سورية حول نقل وحيازة ومحاولات استخدام اسلحة كيميائية لكن فريق تحقيق بعثة تقصي الحقائق لم يقم بالتحقيق بشأنها بشكل سريع وجدي.
وتساءل صباغ لماذا لم يحقق فريق بعثة تقصي الحقائق التابع لمنظمة الحظر في هذه المعلومات بشكل سريع وجدي في الوقت الذي كان ينهمك فيه بسرعة بشأن أي معلومات ترد في “مصادر مفتوحة” أو من مصادر مشبوهة حول اتهامات موجهة للحكومة السورية، ولماذا تصر الأمانة الفنية على صم آذانها عن الملاحظات الجوهرية والاستفسارات المحقة التي قدمتها سورية وروسيا وغيرهما إلى جانب شخصيات مهمة وخبراء متخصصين وأكاديميين مرموقين، ألا يجدر بها أن تعمل على استعادة المصداقية والمهنية التي فقدتها، ثم ماذا عن ماهية الأسباب التي تجعل التحقيقات في الحوادث التي أبلغت سورية عنها تستغرق سنوات لتقديم تقارير بشأنها حيث هناك حوادث لا يزال يجري التحقيق بشأنها منذ العام 2017 في حين يتم إيلاء أولوية لتقديم تقارير عن تحقيقات في حوادث مزعومة تثيرها جهات معادية أو أطراف مشبوهة.
ولفت صباغ إلى أن سورية زودت مؤخراً الأمين العام للأمم المتحدة بمعلومات حصلت عليها تتعلق بحادثة استخدام التنظيمات الإرهابية أسلحة كيميائية في خان العسل في العام 2013 تؤكد تورط ما يسمى “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” في هذه الجريمة التي ذهب ضحيتها 25 شهيداً وأصيب ما يزيد عن 110 بين مدني وعسكري ورغم ذلك بقيت دون تحقيق رغم مطالبات سورية الكثيرة بذلك.
وبشأن ما ورد في بيانات بعض الدول حول الإعلان السوري الأولي أكد صباغ أن فريق تقييم الإعلان أنشئ لمساعدة سورية وهو ليس فريق تحقيق إضافة إلى أن عقد مشاورات الفريق مع اللجنة الوطنية السورية ومواعيد زياراته إلى دمشق تخضع لترتيبات يتفق عليها بين الجانبين وبما يناسب التزامات الطرفين وبالتالي فإنه من الطبيعي تأجيل أي جولة مشاورات إذا لم يكن الموعد مناسباً، مشيراً إلى أنه بالنظر لتقديم خبراء اللجنة الوطنية السورية خلال جولات المشاورات التي يعقدونها مع فريق تقييم الإعلان كثيراً من الشروحات الفنية التي تؤيد بشكل كامل المعلومات التي أعلنت عنها سورية فإنه لا يجوز لأي أحد إطلاق اتهامات مسبقة حول مسائل لا تزال قيد المناقشة.
وبين صباغ أن وجود آثار لعامل كيميائي في عينة اختبارية ليس دليلاً على وجود نشاط كيميائي محظور وبالتالي فإن استمرار المشاورات الفنية بشأن مثل هذه المواضيع يقتضي الامتناع عن إطلاق أحكام مسبقة أو القفز إلى وضع تصورات خاطئة أو استنتاجات غير حقيقية ،مؤكداً أنه في ضوء ذلك ترفض سورية رفضاً قاطعاً إصرار البعض على التشكيك في إعلانها الأولي وتعاونها مع الأمانة الفنية والإغفال المتعمد للتقدم الذي يتم إحرازه.
وأوضح صباغ أن سورية أخذت علماً بما أشار إليه تقرير أرياس عن نتائج الجولة السابعة للتفتيش على مرفقي مركز الدراسات والبحوث العلمية والتي بينت أنه لم يتم خلال التفتيش رصد أي مواد أو أنشطة تتعارض مع التزامات سورية بموجب الاتفاقية وكانت تأمل لو أن التقرير لم يتجاهل المساعدة والدعم اللوجستي والتسهيلات التي قدمتها للفريق.
ورداً على إحاطة المدير العام لمنظمة الحظر قال صباغ إن أوجه القلق حيال العيوب الإجرائية والمخالفات المهنية وحالات عدم الاتساق في طرائق عمل بعثة تقصي الحقائق لا تزال قائمة حتى الآن ما يثير الكثير من التساؤلات حول مهنية ومصداقية تقاريرها حيث إن أصداء تقريرها الأخير عن الحادثة المزعومة في دوما لا تزال تتردد في العواصم المختلفة اذ كيف يمكن أن تكون تقارير البعثة ذات مصداقية ومصادرها مشبوهة وشهودها من الإرهابيين وعيناتها يجمعها إرهابيو “الخوذ البيضاء” وتحقيقاتها تجري عن بعد.. هل هذه طرائق معيارية نصت عليها الاتفاقية وهل الاستناد الى عبارتي “وجود أرضية معقولة” وعبارة “على الأرجح” يمكن أن تكون وصفة صحيحة لثقة ومصداقية تقارير تلك البعثة.
وأضاف صباغ إن ارياس ذكر في إحاطته أن 193 دولة لم تشكك في التقرير لكن سورية عارضت في اجتماعات المجلس التنفيذي للمنظمة الكثير من الجوانب الخاطئة لطرائق العمل التي تبتعد عن المهنية والمصداقية حيال ما جاء في التقرير كما رفضت استنتاجاته بالكامل وبالتالي فنحن هنا أمام حالة عدم امتثال موصوفة من قبل الأمانة الفنية لضوابط عملها.
وتابع صباغ أن مدير منظمة الحظر ذكر أن فريق تقصي الحقائق الذي ذهب للتحقيق في حادثة دوما تأخر في بيروت عدة ايام والسؤال ماهي الأسباب التي دفعته للتأخر وكيف يمكن لقائد الفريق الذي وصل إلى سورية يوم السبت 13 نيسان وغادرها صباح اليوم التالي ولم يقم بزيارة موقع الحادثة المزعومة في دوما في حين أن المحقق “أي” هو الذي ذهب إلى دوما وأجرى تحقيقات في الحادثة ومن ثم يتم استبعاد ملاحظاته وتقريره ويتم الاخذ بملاحظات الفريق الذي لم يزر موقع الحادثة في دوما.
وأكد صباغ مجدداً أن سورية أوفت بالتزاماتها الناشئة عن انضمامها الطوعي لاتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية في العام 2013 وتخلصت على نحو غير مسبوق من مخزونها من تلك الأسلحة ودمرت مرافق إنتاجها بشكل مثالي وبزمن قياسي وفي ظل ظروف صعبة ومعقدة وهي تأسف لكون تعاونها المستمر مع الأمانة الفنية للمنظمة لم يقابل إلا بالجحود والنكران.