«نفّجة» المُتحفزة
رغم أن أداءها في مسلسل «الخربة» لقي حفاوةً استثنائية عند الجمهور والإعلام، لكننا لم نُنصف «ضحى الدبس» أبداً، فصاحبة شخصية «نفّجة» استطاعت أن تلتقط تلك المساحة الضيّقة جداً بين المُضحك والجديّ، تماماً كما أتقنت خلال زمنٍ طويل، كيف تقيس المسافة بين قناعاتها كممثلة، وما أملاه الوسط الفني من شروط على زملاء وزميلات لها، حتى تحوّلت الدراما إلى قوالب وأشكال جاهزة، مفصّلة على قياسٍ واحد، لم يكن لها أن تحشر نفسها فيها، لهذا لم نرها في أدوار نمطيّة للأم الضعيفة قليلة الحيلة، ولم نرها تُكرر المُكرر في دراما البيئة الشامية كما فعلت كثيرات من بنات جيلها، كان بحثها دائماً عما هو إشكالي يطرح الأسئلة في المحسوم والمتعارف عليه ولا يتردد أمام الجديد والطارئ.
قبل أعوام قدمت الدبس شخصيتي «فيحاء» في «ضبوا الشناتي» و«أم عبدو» في «غداً نلتقي»، وفيهما تبدو ممثلةً مُهيّأة لأداء متوازن، يضع المشاهد أمام واقع تبلغ فيه العواطف ذروتها من دون أن تفقد كبرياءها أو تتسول الاهتمام. يُنقل عنها أنها طلبت من المخرج نذير عواد لعب شخصية الأم في مسلسله «ورود في تربة مالحة»، أرادت أن تبتعد بالدور الذي أدته فنانات من مختلف الأعمار عن المُتداول والمُستهلك، لقناعتها بأن التغيير في أي مجتمع سيطول «الأم» أيضاً، فهي ليست قالباً جامداً أو صورة على جدار أو تمثالاً محكوماً بالسكون، وهو ما لم تلحظه الدراما مبكراً. كانت تلك فرصة حقيقية بعد تجاهلٍ وصل إلى درجة الإقصاء في وقت كان نظراؤها يتدافعون باتجاه أدوار البطولة، أما هي فحساباتها مفتوحة دائماً، ولكل شخصية تؤديها ميزانها وأثرها ووعيها، لهذا السبب نحن لم نُنصف ضحى الدبس، بل أنصفت نفسها بنفسها، صنعت نجوميتها في زمنها الخاص، في رهان السهل الممتنع، ولو لم يكن في رصيدها إلا «نفّجة» المُتحفزة دائماً لكفاها ذلك.