الإعلان والعنف ..!
تسابق بعض الممثلين والممثلات هذا العام للمشاركة في الإعلانات التجارية، فثمة أربعة إعلانات هي من تجسيدهم، بتفاوت فيما بينها من جهة الإتقان، لكن يظل الإعلان الذي يروّج لسلعة غذائية للكبار والأطفال، متفوقاً من جهة عدم وصوله لغاياته.
فالإعلان بجزأيه الأول والثاني، وربما له أجزاء أخرى، رسم محددات الصراع بين فريق يؤكد أن مكونات السلعة طبيعية، ونفي الفريق الآخر لذلك، دون أي إثبات، فقط بنطق الفريق المدافع بكلمة (طبيعي) ونفي ذلك بالقول من الخصم: بـ (مو طبيعي).
أسئلة كثيرة تداعت إلى ذهن من شاهد الإعلان هذا، تبدأ بالتساؤل هل عجز مخرجه الفنان “محمد عبد العزيز” عن تقديم خطاب بصري يحقق الوظيفة التواصلية للإعلان، بدون المحتوى العنفي الذي جاء عليه، من معارك وآلاف الجنود، بمشهد وحركات ممثلين يقلدون ما سبق وشاهدناه في أكثر من فيلم، وبمحدد هزيل للصراع، يتجسد في كلمتين! ثم لماذا العنف لمجتمعٍ لم يُقفل بعد ملف الحرب عليه؟ وهل يعقل أن يأخذ مخرج سينمائي وتلفزيوني من أفلام سينمائية شاهدها معظم الناس؟ وما علاقة هذا الخطاب البصري بوقتنا الراهن بكل عناصره التكنولوجية الحديثة؟ إذ لا زلنا ننجز خطابات بصرية على أحصنة وسيوف ورماح وغبار معارك في ساحات واسعة افتراضية، مع أن المنطق يفرض ألّا يتجه المخرج للماضي وهو يستخدم آخر التقنيات الحديثة، هذه التقنيات المطواعة التي يمكن لها أن تساعده على أن ينجز أية فكرة تنتمي للراهن.
إذاً وبغض النظر عما دفع بأربعة ممثلين وممثلتين، ليشاركوا في هذا الإعلان، سواء كانت ظروفهم المادية أجبرتهم على ذلك أم لا، وسواء كنا مع رسالة الإعلان وأنها ذات مضمون معاكس لرسالة فن التمثيل، أم لا ؟ فهذا جدال آخر. هل علينا لنقنع طفلاً أو يافعاً أو راشداً، بسلعة غذائية يجب أن نقدم لهم خطاباً فنياً بجيوش جرارة وقفزة “براد بيت/ جوان خضر” في الهواء، للإقناع بأن السلعة طبيعية، وهي ليست من صنعهم أصلاً، مستعينين بكل ذلك التناقض في استخدام التكنولوجيا الحديثة؟
ما يعني أن من الطبيعي القول إنه إعلان غير طبيعي ..؟!