استغراب عالمي واسع النطاق لما أقدم عليه الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل انقضاء مئة يوم من وصوله إلى البيت الأبيض من تخريب غير مسبوق للعلاقات الأمريكية- الروسية من خلال ما أطلقه على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أوصاف، وبأنه سيدفع ثمناً باهظاً.
قد يتبادر لأذهان البعض أن ما قاله بايدن مجرد زلة لسان أو سقطة كلام إلا أن ما جاء في تصريح المتحدثة باسم الإدارة الأمريكية رداً على طلب موسكو الاعتذار أكد أن لا تراجع في موقف الرئيس الأمريكي، أي إن الأمر مقصود ومتعمد وجاء عن سابق إصرار.
ورغم استدعاء السفير الروسي في واشنطن إلى موسكو فورا إلا أن الرئيس بوتين لم ينزلق إلى مستوى البذاءة التي صدرت عن بايدن، بل جاء رده بليغاً ومؤدباً وهادئاً وببراعة دبلوماسية فائقة مفادها أن الإناء ينضح بما فيه، وطالب بايدن بلقاء مفتوح على وسائل الإعلام يطلع عليه الرأي العام العالمي شرقاً وغرباً ليحكم بينهما، وتمنى له الصحة بما يوحي بأن ما قاله لا يصدر عن عقل سليم.
هذا التلاسن الذي بدأه بايدن وبهذه الطريقة الفظة التي لا تليق أن تكون بين رؤساء دول، فكيف إذا كانت بين رئيسي الدولتين الأقوى في العالم، ما يؤشر إلى أن الرئيس الأمريكي مأزوم ويواجه مع بداية ولايته أوضاعاً داخلية شديدة التعقيد خلفها له سلفه ترامب ويريد أن يهرب إلى الأمام ويصدر أزماته إلى الخارج، كما تؤشر إلى عجزه عن حل مشكلات الداخل الأمريكي العميقة بفتح الجبهات كلها ودفعة واحدة مع روسيا والصين وكوريا الديمقراطية وفنزويلا وأفغانستان وإيران وكوبا.
عندما يصف بايدن الرئيس بوتين بالقاتل ينسى أن جرائم القتل والاغتيال التي مارستها وتمارسها بلاده مباشرة أو عبر وكلاء وضد مختلف البلدان والشعوب هي صنعة أمريكية بامتياز ويجعلها تكسب صفة المجرم الأول في هذا العصر ويكفي أن نذكر ما يحدث في سورية والعراق وأفغانستان والصومال وبلدان أمريكا اللاتينية وغيرها.
لن يستطيع بايدن بهذه السياسة البائسة الرديئة أن يتقدم خطوة نحو استعادة واشنطن زعامة العالم التي وعد بها بل إن ما يفعله يزيد الحلف المضاد للولايات المتحدة اتساعاً وتلاحماً وإصراراً على تبديد وإنهاء أحادية القطب الأمريكي إلى الأبد.