التقادم المخطط
تقول طالبة الجامعة لوالديها: أريد موبايلاً جديداً..!!
يشهق الوالدان من هول الصدمة ويقولان للصبية: ألا تشعرين بأوضاعنا وهمّنا في تحصيل لقمة العيش ..؟
تعترض الصبية فتؤكد أن هاتفها صار من موديلات كان ياما كان ولا يتعامل مع التطبيقات الجديدة وهذه هي الحال !
وهي تحتاج لهاتف نقال حديث لتكون دراستها على ما يرام ؟
لم يعد يفارقنا أبداً الهاتف المحمول فقد أصبح له النصيب الأوفر في صحبتنا .. ورغم حالة التذمر من هذا الدخيل الذي سبب تغيراً هاماً في نمط حياتنا وعلاقاتنا حتى داخل الأسرة الواحدة إلا أنه بات واقعاً وأمام ناظرنا إن لم يكن في راحة أكفنا ! والأكثر نكاية أن شركات تصنيع الهواتف المحمولة بدأت بوضع برامج للحدّ من الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي كوضع شاشة بلون واحد لا تضم إلا أيقونات للرد على الهاتف أو الرسائل، فهل علينا تصديق الشركات الصانعة أم علينا البحث والاكتشاف أكثر حول ما يؤرق مضاجعنا ؟!
ويرى بعض الفنيين أن بعض المنتجات عبارة عن نسخة جديدة من المنتجات القديمة، أو نسخة مختلفة بعض الشيء عن ذلك النموذج. ويعتقد الكثيرون أن بعض الشركات تقوم بتصنيع المنتجات التي يجب استبدالها بعد فترة زمنية محددة بسبب التقادم، وخاصةً بعد إصدار نسخة جديدة من هذا المنتج، وهذا ما يسمى بالتقادم المخطط. في الحقيقة، تقوم الشركة بتصنيع منتج، وبدلًا من أن تجعله يدوم لأطول فترة ممكنة، تجعله فعالاً لفترة محددة من الزمن، وعندما تقوم إحدى الشركات بذلك بشكل متعمد، فمن المؤكد أنها ليست الوحيدة .
والسؤال في هذا المقام: أين نقف نحن أمام هذا التوغل في مجتمعاتنا وبيوتنا ؟ إن كل النصائح القديمة لم تعد تجدي في تحذير أبنائنا من خطر الإدمان وخطر التعرض لسيل من المعلومات غير المؤكدة وخطر انتهاك الخصوصية، ولعل التوعية من خلال المدارس أولاً ومن ثم الجامعات والمراكز الثقافية قد يكون خطوة بالاتجاه الصحيح لاسيما إذا ما تم دعمه بإتاحة المجال أمام جيل الشباب لممارسة الرياضة والهوايات المختلفة الموسيقية والتشكيلية .. إن مستقبل أبنائنا بيد الهواتف التي باتت تفوقنا ذكاء ومصداقية لدى الجيل الجديد فهل نتركهم لقمة سائغة وفي مهب لوحة الأزرار .. ؟!