حبر على ورق ..!
تناقلت العديد من وسائل الإعلام ، ظهور عشرات الإصابات بالتهاب الكبد (A ) في بعض المناطق بريف جبلة، وحسب مديرية الصحة في اللاذقية فإن مصدر الإصابات هو تلوث المياه الذي أكدته العديد من العينات التي قطفتها من بعض الينابيع وخزانات المياه التي ظهرت فيها الإصابات، في حين أكدت مديرية مياه الشرب في اللاذقية أن العينات التي جمعتها من بعض مصادر المياه والخزانات سليمة ومطابقة للمواصفات.
نحن هنا لسنا بصدد تأكيد صحة أو نفي أي جهة من الجهات السابقة، لكن الذي نريد أن نؤكده أن حالات الإصابة بالتهاب الكبد هي واقع ولا يمكن لأحد أن ينكره وبالتأكيد لم تأت من فراغ، إذاً هناك مشكلة ويجب البحث عن أسبابها وإيجاد الحلول من دون شد اللحاف لهذا الطرف أو ذاك.
هذه الحالات وغيرها من ظواهر تلوث حدثت سابقاً تعيدنا بالذاكرة إلى الوراء لمراجعة بعض مشاريع الصرف الصحي التي كانت تنفذ بالقساطل الإسمنتية، تلك القساطل التي كانت تفتقر في حالات عديدة للمواصفات الفنية، فالكثير منها كانت ضعيفة وهشة وتتكسر بسرعة وبسهولة لأن «مونتها» الإسمنتية كانت ضعيفة، وحين تركيبها ووصلها لا تكون المطابقة كاملة، وطريقة الوصل غير دقيقة، حيث تُطيّن بقليل من الإسمنت بالجهة العليا فقط، وتترك الجهة السفلية من دون طينة، ما جعل تلك القساطل عرضة للتسرب من نقاط الوصل، أضف إلى ذلك أن طريقة التنفيذ لم تكن مطابقة للمواصفات فكانت تردم من بقايا الحفر الصلبة والمملوءة بالحجارة، ما جعل تلك القساطل الهشة أصلاً عرضة للتكسير بعد الردم، وبالتالي تسرب المياه المالحة للتربة والمياه الجوفية، لذلك لا نستغرب حصول بقع من التلوث بالصرف الصحي هنا أو هناك، نتيجة التنفيذ السيىء لمشاريع الصرف الصحي بالقساطل الإسمنتية، والتوجه الصحيح حالياً هو تنفيذ تلك المشاريع بقساطل البولي إيتلين مهما كانت تكلفتها، كما لا بد من الإسراع باستبدال قساطل المشاريع القديمة، فهذه القساطل تبقى هي الأرخص مهما كان ثمنها لأنها تحقق نسبة أمان عالية وديمومة طويلة.
وفي هذه المناسبة نتساءل: لماذا هذا الإهمال والتقصير بموضوع تنفيذ محطات المعالجة.. فهنالك العديد من المحطات في اللاذقية التي تم التعاقد عليها منذ عشرات السنين وتم استملاك أراضيها لكنها مازالت حبراً على ورق، فإلى متى…؟!