سعد المنحوس ..!

يدخل المواطن اليوم بجدارة مرحلة “سعد دبح” في شتائه الطويل، لكنه على عكس “سعد” بطل القصة الشعبية الذي ذبح ناقته ثم شق بطنها واختبأ في جوفها اتقاءً للبرد، فهو لا يعرف ماذا يذبح بالضبط كي ينجو من المنخفضات والعواصف والثلوج؟ رغم أنه يعيش الذبح يومياً في الأسواق والمواصلات والبرد القارس الذي يقصّ المسمار.. كما أن المواطن إياه، يفكر منذ اللحظة، ماذا سيبلع عندما يحين موعد “سعد بلع” في خمسينية الشتاء؟. هل يبلع الموس على الحدين ويمضيها من “تم ساكت”؟ أم “يبقّ” البحصة، أملاً في دخول “سعد السعود” فتدبّ الحياة في العود ويزهر البرعم بعد أن يذوب الجلمود؟.
يتردد المواطن وهو يقرأ قصة سعد الشهيرة، فسعد “الخبايا” من الممكن أن يفاجئه بما لم يكن في الحسبان إلى درجة يتحسر فيها على الذبح والبلع والشفط والهبش لأنها ربما تكون الأرحم من العقارب الأخيرة في الشتاء؟. فالفلكيون يؤكدون أن الخبايا التي يقصد فيها خروج كل ما يدبّ للتمتع بدفء الشمس، قد تعني أيضاً “البلايا” لأن أجدادنا الكرام، مثلما تحدثوا عن المربعانية والخمسينية في الشتاء، قالوا أيضاً: “خافوا من المخبّايات” والمنايا، التي تأتي خبطَ عشواءَ كما قال الشاعر؟.
يحسب المواطن ألف حساب لعقارب الشتاء، فهي تلدغ وتقرص من دون إنذار أو مقدمات، وعلى حين غرّة تبث سمها القاتل في جسد سعد غير السعيد ولا المسعود كما تقول القصة.. فهو لم ينسَ بعد عقرب البنزين وعقرب الغاز وعقرب الخبز وعقرب الكهرباء، وهلمّ جرّ من عقارب تخفيها الخبايا وتأتيه من كل حدبٍ وصوب!.
يضع المواطن الشحاطات وعلب البلاستيك في مدفأته كي تقزل النار، وبينما الرائحة تزكم الأنوف وتعمي الأبصار، يفكر بقصة سعد الشعبية الذي ذبح ناقته كي يتدفأ، فلا يجد لديه صوصاً أو “زاغةً” أو فخذ فروج يضحي به من أجل حفنة من الدفء، لكنه مضطر لأن يحلم بسعد السعود، حتى لو كان اسمه في الحقيقة سعد المنحوس، الذي علقوا له فانوساً ولم تستقم معه الأيامُ.. ولم تجلس الظروف… عرفتوا كيف؟.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار