يبدو أنه كان من الصعب على الإدارة الأمريكية أن تتقبل هزيمة أدواتها الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم “داعش”، على يد الجيش العربي السوري وحلفائه، فعادت بسرعة لإحياء هذا التنظيم الإرهابي من خلال تهريب إرهابييه عبر قاعدة التنف غير الشرعية إلى عمق البادية السورية.
لقد ظهر ذلك جلياً على شكل عمليات إجرامية جديدة ارتكبتها عصابات التنظيم على طريق دير الزور- تدمر بدعم وتوجيه كاملين من القوات الأمريكية في قاعدة التنف وشرق الفرات.
تسعى واشنطن من خلال تحريك خلايا تنظيم “داعش” في عمق البادية السورية لتحقيق أكثر من هدف، وفي المقدمة فتح معركة طويلة “لاستنزاف” الجيش العربي السوري، اعتماداً على الهجمات الخاطفة وهو تكتيك يتناسب مع فقدان “داعش” الجغرافيا وهياكل تنظيمية عمل عليها طوال سنوات في محاولة للضغط على الدولة السورية من خلال ضرب الطرق الحيوية في البادية باتجاه حلب ودير الزور وحتى من جهة الحدود الأردنية إلى الشمال.
والهدف الآخر هو تخلي أي إدارة أمريكية قادمة وبالذات إدارة بايدن عن فكرة انسحاب القوات الأمريكية من سورية بذريعة وجود “داعش” والكذب بأن هذه القوات موجودة في سورية “لمحاربة داعش” ومع الحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة بكل الوسائل على الدولة السورية تأمل واشنطن بإطالة عمر الأزمة في سورية حتى لا تخرج واشنطن من الحرب الإرهابية على سورية صفر اليدين.
واضح تماماً أنها حرب استخباراتية بتوجيه أميركي وسلاح أميركي واستطلاع أميركي، فهذه المجموعات الصغيرة لا يمكن أن تستطلع في مناطق مساحتها آلاف الكيلومترات، لذلك تحتاج إلى تكنولوجيا من طائرات مسيرة ومن اتصالات لكي تستطيع أن تقوم بهذه العمليات الإرهابية لقطع الطريق الواصل بين سورية والعراق وهو الهدف المحوري الذي لا تخفيه واشنطن ولا الكيان الصهيوني؛ والاعتداءات الأمريكية- الإسرائيلية على البوكمال والميادين ودير الزور دليل ساطع على ذلك.
وأخيراً ما من شك أن إحياء “داعش” مطلب أمريكي لإشعال المنطقة من جديد والحيلولة دون القضاء على ما تبقى من إرهابيين في البادية السورية، والأهم في مواجهة محاولات إعادة “داعش” العمل أيضاً على إخراج الأمريكيين من التنف التي تشكل مركز انطلاق “داعش” في البادية السورية.