تغيرات بالعمق
تتغير المعطيات تبعاً لتغير الوقائع, وما كان اعتيادياً في الأمس لم نعد نجده اليوم كذلك, فلم نعد نستغرب أنّ نفوساً تبدّلت وتلوّنت, ومزاجها صار مختلفاً عمّا كان سائداً من قبل, فالمتأمل لحال التغيرات الحاصلة ليس على الصعيد المحلي بل لدى شعوب الأرض قاطبةً يلاحظ أنّ هناك تغيرات لم تكن بالحسبان, وفي الجوانب التقنية والطبية والتعليمية جميعها, وحتى على صعيد العلاقات الاجتماعية, وعلاقات العمل والتعاطي بين الأفراد, ما حصل بمثابة انقلاب واضح في المفاهيم السائدة والمتعارف عليها، وسيجد أنّ كل ما كان يعرفه قد تغيّر وتطوّر بتسارع رهيب لا يخفى على أحد, وباء «كورونا» اللعين الكل تأثر بتبعاته, وتغيرت بعض السلوكيات, وربما التعاطي مع الآخرين, فالكل تأثر ببعضه بعضاً، والأدهى أنّ نفوساً انكشفت بعد أن كانت مستورةً, وعوراتها لم تكن مكشوفة, لكن هذا التغير الحتمي خلق العديد من الإشكالات, في مقدمتها تغير الأمزجة وآليات التعاطي بشتى المجالات, وقد يبدو حسن تدبير المسائل صعباً في بعض المطارح, وهذا يحتم على الإدارات النشطة والعارفة ببواطن الأمور الاستفادة من الإيجابيات قدر الإمكان, والتي قد تكون أولاها الاعتماد على الذات والإخلاص في تأدية المسؤوليات على أحسن وجه.
وهنا أيضاً تحتّم المتغيرات التخطيط السليم للوصول إلى جودة وإتقان بكل المسائل من أجل تحقيق جودة حياة الإنسان وفق رؤية تهدف إلى دفع عجلة العمل والاجتهاد لخلق فكر مستنير واعٍ باحتياجاته واحتياجات محيطه، لذا ففكرة العمل وفق أنظمة وقناعات سابقة قد تكون فكرة معيقة لصاحبها وعقبة تحول دونه, ومن دون اللحاق بقطار التنمية الجديد الذي يهدف إلى تحسين وتطوير وتغيير وانفتاح على الأفكار الجديدة في المجالات كلّها.
مهما تعثر قطار التنمية فإن ذلك لا يدوم, وسينطلق من جديد ولن يتوقف, وسيستمر بالعمل والنمو لتحقيق أهدافه, فمن يرغب اللحاق به يجب عليه أن يعمل بجد وبالغيرية نفسها, نافضاً أي أفكار لا تجدي وعليه البدء بتغيير نفسه والتحليق بخطوات تمكّنه أن يفعل أشياء مهمة, واضعاً المستقبل نصب عينيه, لا مستسلماً لآليات ولأفكار نمطية عانينا منها كثيراً.