أي أدب سوريّ ..؟
لعلّه من الطبيعي أن يُطالب أديب ما، هاجر من سورية منذ بدء الحرب عليها، ولم يؤذَ من نيرانها بماله، ولا برزقه، ولا بجسده، ولا حتى بأحد أقاربه، ولم يشهد أو يشاهد أي حادثة تفجير سيارة مفخخة، أو سقوط قذيفة على منزل ما، أو في شارع من شوارع الحي الذي يقطنه، أو طفلاً تسرق له براءته رصاصة قناص متوحش، أو سقوط مبنى بكامله فوق قاطنيه، أن يُطالب بأن يسعى مطلق أديب بتنويع الموضوعات التي يقاربها خطابه الأدبي، في حين يظل محتوى الخطاب الأدبي لأديب آخر اكتوى بالحرب على سورية، ففقد بيته ونزح عن مدينته أو قريته، أو صار في بلد آخر، وفقد أحد إخوته، أو أحد أفراد أسرته، وقس على هذا، حال أكثر من مبدع ومبدعة في أكثر من مجال، من الذين لا يزالون يعيشون داخل سورية، يظل المحتوى يعبّر عن معاناتهم خلال الحرب على سورية، مهما تنوعت هذه المعاناة، وهذا ما لا يُنتبه له من زاوية نقدية، وإذا سلمنا بحق كل طرف، حول الموضوعات، يظل الاختلاف قائماً حول الشكل الذي يحتوي خطابهم الأدبي ضمن ما اعتادوه من قوالب فنية، بمعنى آخر؛ أن تكون قد استقرت لديهم أشكال التعبير، والمقصود بالكلام هم أصحاب المثال الثاني، ولم يحاولوا الخروج من نمطيتها، مع إننا يجب ألاّ نغفل عن الظروف الموضوعية التي يعيشون تحت وطأتها، في حين قد تمضي نتاجات المبدعين في حالة المثال الأول نحو الحفر في أسئلة الكون والوجود، أو أنها تركز على إدانة العقل العربي من دون الخوض بالأسباب الأساسية، وتتجسد تلك المقاربات والطروحات بمحاولات للخروج من نمطية الشكل التعبيري الذي كانت تتجسد فيه إنجازاتهم الأدبية سابقاً، وهل هذا يعني أن هذا الأدب هو من سيتطور أكثر، وهو الذي سيجد قارئاً متابعاً له أكثر من قرّاء المثال الآخر، لكن هل لدينا معطيات عن خلفية القرّاء، الذين يفترض أن يكون عموماً الخطاب الأدبي بأي شكل جاء، متوجهاً لهم؟.
هي أسئلة نرميها ولا ندّعي امتلاكنا أجوبة عنها، نرمي من خلالها لفت النظر إلى أن الأدب السوري الذي كتب ويكتب منذ مطلع الحرب على سورية، هل هو لا يزال في مخاضات، أم تمت ولادته ويحتاج توصيفاً وتحليلاً لمكوناته الفكرية والفنية، وتقويماً نقدياً ينصفه وينصف ما أنجزه؟.