نبهت سورية ومنذ ثمانينيات القرن الماضي إلى أخطار الإرهاب، وكانت من أوائل الدول التي قرعت ناقوس الخطر ودعت إلى عقد مؤتمر دولي تحت مظلة الأمم المتحدة لتعريف الإرهاب وتمييزه عن نضال الشعوب ضد الاحتلال، ووضع اتفاقية دولية لمكافحة الإرهاب.
منذ سنوات وسورية تتعرض لحرب إرهابية من نوع جديد، تقاطع فيها الإرهاب الدولي متعدد الجنسيات المدعوم من دول عربية وإقليمية ودولية بهدف ضرب سورية دولة وشعباً، ومحاولة تقسيمها في سياق مخططات لرسم خريطة سياسية واقتصادية جديدة للمنطقة.
ثلاثة عقود مضت على التحذير السوري، ولا يزال العالم يتجرع في كل يوم مرارة الإرهاب ونتائج دعمه من دول غربية كبرى تعمل بازدواجية فجة في هذا الموضوع..
من وحي مواجهة هذا الإرهاب الذي نصت على مكافحته القرارات الدولية، لا مناص من تجديد هذه الدعوة، إيماناً من سورية بأنَّ الأمم المتحدة هي المحفل الدولي الأساس لتنسيق وتعزيز الجهود الدولية الرامية للقضاء على الإرهاب الذي يمثل تهديداً للأمن والسلم العالميين وسلامة واستقرار الدول ورفاه الشعوب.
ليس هذا فحسب، بل لا بد من تأكيد ضرورة تضافر الجهود الدولية لمساءلة الدول الداعمة للإرهاب، وإلزامها بوقف انتهاكاتها للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
لقد شكل التخريب المتعمّد والممنهج واسع النطاق الذي تعرضت له البنية التحتية والمؤسسات الخدمية السورية نتيجة لاستهدافها من التنظيمات الإرهابية، إضافة للتأثيرات السلبية للإجراءات القسرية أحادية الجانب التي فرضتها بعض الدول على الأوضاع المعيشية للمواطنين السوريين، عوامل أساسية ساهمت في تزايد الاحتياجات الإنسانية وتراجع الإمكانيات السورية للاستجابة لهذه الاحتياجات.
إن التجاهل المُتعمَّد لكل هذا، والمتسق مع تجاهل الإرهاب الذي يضرب سورية، يدعو للاستغراب والاستهجان بآن معاً، فسياسات المجتمع الدولي ينبغي أن تنسجم مع ميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية ومع قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب وبالأخص قراري المجلس رقم 2170 لعام (2014) و 2178 لعام (2014) اللذين أقرا بأولوية مكافحة الإرهاب وتنظيماته مثل “داعش” و”جبهة النصرة” والتنظيمات المرتبطة فيهما.
كما لابد من اضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته في مساءلة الدول الداعمة للإرهاب وإلزامها بوقف انتهاكاتها للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ووجوب التصدي لخطاب الكراهية والتحريض على العنف والإرهاب، فإذا لم يقم المجتمع الدولي وهيئاته المختصة بهذه المهمة التي تعد من صلب عملها، ستمر عقود أيضاً ويبقى العالم يدور في حلقة مفرغة.