لجان ..!
بعد سنوات من تواصل ارتفاع الأسعار بشكل لم يعد مقبولاً وسط عجز الأغلبية عن مواكبتها للحصول على أدنى مستلزماتهم المعيشية يأتي قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مؤخراً بتشكيل لجان تحديد الأسعار في جميع المحافظات بقرار من رئيس المكتب التنفيذي, مهمتها إصدار جداول تسعير شاملة للمواد والسلع الضرورية الغذائية و غير الغذائية المنتجة محلياً بشكل دوري كلما اقتضت الحاجة استناداً إلى أسعار المواد والسلع المحددة مركزياً أو مكانياً من قبل مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات، إضافة إلى مهام أخرى حددها القرار.
قد يكون في هذا القرار محاولة لضبط الأسواق والأسعار, ولكن يتبادر إلى الذهن العديد من التساؤلات عن الإضافة التي ستقدمها تلك اللجان, ولاسيما أنّ في المحافظات جهات معنية أصلاً بهذه المهمة، إن كان من المكاتب التنفيذية أو مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي تدرس التكاليف وتسحب عينات وتسعّر, فلماذا يتم اللجوء إلى تشكيل اللجان في الوقت الحالي، هل هو رقابة لجان على لجان سابقة ؟.. وهل هكذا تكون الحلول الجذرية لمشكلات استفحلت على مدى السنوات الفائتة بعد أن أصبح الوضع يتطلب – وعلى وجه السرعة – حلولاً جذرية تؤتي أُكلها مباشرة بلا انتظار ما سينبثق عن اللجان من دراسات وتحليلات وقرارات ليتم الانتقال لتطبيقها على أرض الواقع, كما أنّ تلك اللجان سيكون لها تعويض مادي عن مهماتها, وهذا ما سيزيد من الأعباء المالية، وليس خافياً أنّ كثرة اللجان قد تكون عاملاً معرقلاً يؤدي إلى توسيع دائرة حلقات الوساطة, وقد يفتح مجالاً أمام البعض للاسترزاق أو العلاقات الشخصية بما ينعكس على سعر المادة و يؤثر في المستهلك في نهاية المطاف.
وهنا نقول: إن تصويب العمل لا يكون بكثرة اللجان بل يجب أن تكون هناك تشاركية في العمل بين أكثر من جهة، فليست الحاجة اليوم للتسعير فقط بقدر ما هي للعمل بمنظومة متكاملة ومن خلال أكثر من جهة, بدءاً من إنتاج السلعة وتسويقها وانتهاء بوصولها إلى المستهلك بالسعر المناسب, وبشكل منطقي يناسب الأطراف جميعها وسط رقابة مشددة, وإلا فإننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة من دون الوصول إلى أي نتائج ملموسة على أرض الواقع.