استعراضي لا أكثر
لا ينقطع عقد المؤتمرات العمالية الدورية.. فهي تندرج ضمن آلية عمل هذا التنظيم النقابي الذي يمثّل قاعدة عريضة من الطبقة العاملة.. لكن السؤال المطروح: هل من جدوى..؟
مع بدء المؤتمرات لهذا العام فإنه لا يمكن التقليل من قيمة طروحاتها, فهي تتمحور حول قضايا حيوية تخص واقع العمل، لكن المشكلة تكمن في عدم الاستجابة لتلك القضايا على مدار عدة سنوات سابقة, ما جعل تكرار طرحها أشبه بمن يواصل ضرب قبضته في الهواء, وأول ما يطالعنا في أعلى سلم مطالب المؤتمرات هو الحاجة الملحة لتحسين الرواتب والأجور أملاً بردم الهوة الهائلة بين الدخل والأسعار، لكن هذا المطلب المحق في سبيل تحقيق كفاف العيش للعاملين في الدولة لم يلقَ حتى الآن التفاعل المنطق, كما لا تزال مشكلة عدم وجود مبيت للعاملين خارج دائرة الاهتمام, ما يخلّف إرباكات انتقال مضنية وأجور نقل تستنزف نحو نصف الراتب, ويضطر الكثيرون لأخذ إجازات إدارية براتب أو من دونه وأخرى صحية بشكل متكرر للتخفيف من أعباء تلك الأجور، وقد يدفع إلى التقاعد المبكر للتخلص منها نهائياً, وكل ذلك ينعكس سلباً على واقع الأداء والإنتاج في ظل النقص الحاد أصلاً في عدد العاملين نتيجة التسرب خلال السنوات السابقة, حتى مطالب تطوير القطاع العام الإنتاجي لا تزال تراوح في المكان, فمطحنة اليرموك في المحافظة تعمل بخط إنتاج واحد فيما خطها الثاني المعطل لا يزال على لائحة انتظار التأهيل، وتشغيل معمل المعكرونة لم يخرج من إطار النيات بينما تشغيل شركة الأحذية بدأ خجولاً بتصنيع وجه الحذاء ولم تثمر حتى الآن وعود استكمال آلات تصنيعه كاملاً، وبقيت وحدة الخزن والتبريد خارج الخدمة, وكذلك مزرعة الأبقار, والقائمة تطول.
إذاً في جعبة المؤتمرات العمالية الكثير من المقترحات والمطالب الحيوية, لكن على ما يبدو أن شماعة الأعذار لدى الجهات التنفيذية لا تزال تسوّغ عدم الأخذ بها، حتى بات الكثير من العاملين يشعرون بأن دور تنظيمهم النقابي في حلحلة مشكلاتهم وتلبية مطالبهم لم يعد بالتأثير المأمول، وهنا يحق السؤال: هل يبقى انعقاد المؤتمرات مجرد تقليد روتيني سنوي لتكرار المكرر, أم سنلحظ دوراً فاعلاً يسهم بتحسين واقع العمل والعمال؟
بالمناسبة حال بقية مؤتمرات المنظمات والنقابات الأخرى ليس بالأحسن فهو على المنوال نفسه استعراضي لا أكثر.