الإصلاح ومكافحة الفساد
لا يخفى على أحد أن موضوع الإصلاح ومكافحة الفساد أخذ الكثير من النقاش وتداول الآراء وتعدد النظريات ، حتى أصبح مفهوم الإصلاح بمنزلة عملية ديناميكية مستمرة، تتجه نحو التطوير أكثر منه إلى إصلاح حالات مرضية تستوجب العلاج، والأدهى أننا ما زلنا نسمع الأفكار والتصورات نفسها.
اليوم الأمر لم يعد مقبولاً، وأصبح الإصلاح يحظى بحماسة الطيف الأوسع من صانعي القرار الاقتصادي ولاسيما أننا مقبلون على مرحلة جديدة للنهوض بالاقتصاد.
لكن السؤال المهم الذي نحتاج إلى الوقوف عنده: من أين يبدأ الإصلاح؟… الإصلاح أمر كبير وواسع ويتجاوز النظرة الضيقة ليتصف بالشمولية لأن تحديد طريق الإصلاح مهم وضروري مع ما يحدث اليوم من مصارحة ومناقشة وطنية لمشكلاتنا وهمومنا والبحث عن حلول كبرى لقضايا أساسية.
وأعتقد أن الإصلاح ينطلق منا نحن الأشخاص لأنه مهما تكن الجهود التي تبذلها الدولة لدفع عجلة الإصلاح والتنمية للأمام، تظل أهمية إصلاح المجتمع مرتبطة بإصلاح الفرد.. وانطلاقاً من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب حسب الكفاءة والابتعاد عن التعيين حسب الواسطة، لهو الأساس في الإصلاح والتطوير.
ولو تحدثنا بشفافية أكثر لوجدنا أن جميع السيناريوهات التي طرحت بشأن محاربة الفساد والإصلاح تؤكد وجهة النظر بأن هناك حلقة مفقودة.
من هنا علينا أن نكون على قدر المسؤولية، والمطلوب: عملية تطوير جذرية هدفها أولاً وأخيراً تحديث هياكل المؤسسات ومعالجة أمراضها وتجاوز حالات الركود والترهل، ما نريد قوله: إن محاربة الفساد تحتاج أولاً وأخيراً رؤية شاملة.. هذه الرؤية تنطلق من معالجة عقبتين أولاهما: البنى الإدارية (العتيقة) والعقلية البيروقراطية التي ترى في الإصلاح تجاوزاً لقدراتها، والعقبة الأهم هي الفساد.. الفساد ضد أي عملية إصلاح، لأن الإصلاح الإداري الحقيقي يجفف منابعه، وهذا ما لا يقبله الفاسدون، فالإصلاح المنشود وسيلة من وسائل مواجهة الضغوط والتحديات، فهذا يعني أنه سيصطدم بالبيروقراطية المتحجرة، وبالفساد والمفسدين.. إذاً إزالة هذه العقبات من أولويات العملية الإصلاحية.
لذلك من المهم للغاية التأكيد أن الإصلاح يحتاج إلى جهد جماعي منظم ومسؤول وممتد في الزمان والمكان.