لا ندري إذا كان ثمة مفاجآت أخرى في جعبة ترامب في الأسبوع الأخير من رئاسته بعد “الغزو” الذي رتبه مع أنصاره من الغوغاء باقتحام جلسة الكونغرس المخصصة لتصديق نتائج الانتخابات بفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بهدف تعطيل الجلسة والتشويش على النتائج؟
الغزو هذا خلف خمسة قتلى بينهم امرأة وشرطي من حراس مبنى “الكابيتول”.
وأمام هذا الحدث غير المسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، وقع ترامب في شر أعماله ولم يبق له من أمل حتى في قضاء الأيام القليلة المتبقية من ولايته في البيت الأبيض إذا ما تم عزله وفقاً للتعديل الدستوري 25 أو إحالته للمحاكمة بعد أن وقّع عدد كبير من النواب على ذلك.
مع سقوط ترامب المدوي سقط القناع عن “الديمقراطية” المزيفة التي طالما زاودت بها الولايات المتحدة الأمريكية على بلدان العالم جميعاً، وقال الرئيس الأسبق جورج بوش الابن تعليقاً على اقتحام الكابيتول: “لقد غدت بلادنا وكأنها إحدى جمهوريات الموز”.
ودقت هذه الحادثة التي تصدرت أخبار العالم الإسفين الأخير في نعش أحادية القطب التي تربعت بها واشنطن على عرش العالم أكثر من عقدين من الزمن بعد أن انهارت “هيبة” الولايات المتحدة على المستوى العالمي، وبات كثير من دول العالم الثالث تتقدم عليها بالديمقراطية واحترام الدستور والمؤسسات التشريعية، وهذه الهمجية التي ظهرت في ليلة “الكابيتول” هي جوهر السياسة التي اتبعها ترامب طيلة سنوات رئاسته تجاه بلدان العالم فارضاً العقوبات والحصار وداعما شتى أنواع الإرهاب والعدوان والظلم.
وما من شك أن ترامب خلف وراءه كما هائلاً من الجرائم بحق الشعوب على الصعيد الخارجي وترك انقساماً عمودياً حاداً في المجتمع الأمريكي وفجر بؤراً للحرب الداخلية والصراعات العنصرية قابلة للاشتعال في كل الولايات التي أصبحت مرشحة للتفكك، وما لم تسارع إدارة بايدن لتصحيح ما خربه ترامب في الداخل والخارج والتخلي عن سياسة العقوبات والغطرسة والانحياز للعدوان، فإن الولايات المتحدة ستغرق في المزيد من الأزمات والمشكلات المستعصية.