ترامب والفوضى
بوادر أزمة جديدة بدأت تلوح في أفق المشهد الأمريكي, مع رفض الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الإقرار بالهزيمة، ودعوة أنصاره إلى التظاهر الأربعاء المقبل في واشنطن مكرراً مزاعمه حول ما سماه “سرقة الانتخابات”, وذلك بالتزامن مع تثبيت “الكونغرس” هزيمة ترامب الانتخابية أمام جو بايدن, تمهيداً لتنصيبه رئيساً في 20 الشهر الجاري.
دعوة ترامب التحريضية لتأليب الشارع مستغلاً منصبه في نشر الفوضى وتقويض الأمن, تأتي في إطار المحاولات الأخيرة في الوقت المتبقي له في البيت الأبيض على أمل أن يتمكن المتظاهرون من تشكيل حملة ضغط على “الكونغرس” لرفض الفرز الأخير لأصوات الهيئة الناخبة للولايات، وقلب نتيجة خسارته الانتخابية.
جميع المعطيات تشير إلى أن هذه الدعوة التحريضية لن تؤدي إلى تغيير النتائج, خاصة أن ترامب وفريقه الانتخابي لا يملكون أي دليل على عمليات التزوير التي يزعمونها, أو أي أدلة تثبت فوز ترامب بالانتخابات.
لكن في المقابل من المتوقع أن تؤخر هذه التظاهرة عملية التصديق على فوز بايدن بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي ورئاسة الولايات المتحدة, خاصة في ظل المخاوف الواسعة التي أثارتها هذه الدعوة داخل الأوساط السياسية الأمريكية من تجدد أعمال العنف التي رافقت التظاهرات السابقة لأنصار ترامب.
اللافت, أن توجّه ترامب مجدداً إلى الشارع لنشر الفوضى, يأتي غداة الصفعة غير المسبوقة التي تلقاها من “الكونغرس” وخاصة من النواب “الجمهوريين” الذين انضم معظمهم إلى نظرائهم “الديمقراطيين” في التصويت بأغلبية الثلثين لصالح إبطال الـ”فيتو” الذي استخدمه ترامب ضد إقرار موازنة الدفاع, في انتكاسة مُرّة له قبيل انتهاء ولايته وهو الذي تباهى طويلاً بأنه يحظى بدعمهم.
لا شك أنه لولا هزيمة ترامب في الانتخابات وازدياد عدد النواب “الجمهوريين” الذين انفضوا من حوله وأقروا بهزيمته, لما كان “الكونغرس” نجح في تجاوز “فيتو” ترامب في سابقة خلال فترته الرئاسية, حيث تجرأ “رفاق جمهوريون ” على عدم إظهار فروض الولاء والطاعة له؛ ناهيك عن أن النخبة الجمهورية في مجلسي النواب والشيوخ وحكام الولايات, بدأت تطلق على بايدن لقلب الرئيس المنتخب معترفة بأن القضية حسمت, رغم رفض ترامب الإقرار بذلك وتحريض أنصاره على التظاهر لدفع الولايات نحو الفوضى التي يشتهيها لمعاقبة الأمريكيين على عدم انتخابه، فهل ينجح ترامب في إشعال النار داخل أمريكا؟ لننتظر ونر.