في وداع الراحل حاتم علي
ليس لدينا الكثير لنضيفه، فما قيل وكُتب عن الراحل حاتم علي، لا يدع مجالاً لأي إضافة تُذكر، سوى أنه يطبع العام المنصرم بمزيد من الحسرة، ويُضاعف مرارة الفقد ، عزاؤنا الوحيد إن صحّ القول، اكتشافنا مجدداً حدثاً لا نملك الاختلاف حوله، وحزناً لا مزاودة فيه.
تتزاحم التجارب الدرامية في مشوار المخرج الراحل، ومعظمها علامات فارقة في ذاكرة المشاهدين، امتلكت القدرة على التأثير عميقاً، حيث يُفترض بالدراما أن تصل، ولعلّ مسلسل “الفصول الأربعة” واحدٌ من أبرزها، فمع “نبيلة” و”كريم” وبناتهم وأحفادهم، عايشنا هموماً وقضايا، لا تتباين من ناحية العمر فقط بل اجتماعياً واقتصادياً أيضاً، وفي “أحلام كبيرة” كانت عائلة “أبو عمر” نموذجاً لخيبات نعرفها جيداً.
وكان مسلسل “الزير سالم” محطة قائمة بحد ذاتها في الدراما التاريخية، ولا سيما أنه حطم عبر كاتبه الراحل ممدوح عدوان العرف التقليدي في تناول السيرة الشعبية، وفي السياق ذاته كانت أعمال “التغريبة الفلسطينية، ربيع قرطبة، صقر قريش”، وغيرها. وفي مصر، تابع الراحل علي مشواره وقدّم مسلسلات منها: “تحت الأرض”، “حجر جهنم”، “كأنه امبارح”. أما في السينما فله ثلاثة أفلام روائية طويلة: “العشاق”، “سيلينا”، “الليل الطويل”، وله فيلم روائي قصير “شغف” إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
ولد علي عام 1962، وبدأ حياته كاتباً شغوفاً بتقنيات القصة القصيرة، وفي رصيده مجموعتان قصصيتان “ما حدث وما لم يحدث” و”موت مدرس التاريخ العجوز”، فيما بعد تخرّج من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق عام 1986، ليبدأ نشاطه الدرامي ممثلاً كانت بدايته بصحبة المخرج هيثم حقي في مسلسل “دائرة النار”، لكنه لاحقاً اتجه إلى الإخراج ونجح في حجز مساحة خاصة له محلياً وعربياً، يشهد عليها المتفرجون والنقّاد.
يقول علي في أحد لقاءاته “الأموال الكثيرة لا تعني بالضرورة عملاً فنياً متميزاً”، و”ما يصنع مسيرة أي مخرج ليست فقط تلك الأعمال التي يقبل بإخراجها إنما تلك الأعمال التي يستطيع أن يقول لها لا”، وكم من أعمال فرّقت وهدمت دون أن يقول أصحابها لا.
الرحمة لروح حاتم علي، من دخل بيوتنا وقلوبنا بالحب ولأجل من يستحقون الحب.