الليلة الأخيرة
مع قرب انقضاء أيام عام الملمّات ودخوله الهزيع الأخير، لا مأسوف على رحيله، حيث ترك من المآسي والنوائب في النفوس والصدور الكثير الكثير … ومع رحيل آخر أيامه ” لخمني” صديق بسؤال استفزازي إجابته معروفة مسبقاً : أين ستقضي الليلة الأخيرة أو كما يسمونها حفلة رأس السنة من عام ” الويلات ” ٢٠٢٠ ..؟!
قلت: يا سيدي, من باب الانفتاح كوننا نعيش عصره، مقروناً بالشفافية والنزاهة اللتين نتلمّس آثارهما هنا وهناك، وخاصة عندما نلمس ما يصدر من نتائج على أرض الواقع من قبل بعض الجهات المعنية, فأنا سأكون شفافاً وأكشف أين سأقضي الليلة العصماء كبقية الخلق المغلوب على أمرهم .. أفكر بعد أن أحصل على مخصصاتي وحصصي المعيشية لي ولأفراد أسرتي بكل أريحية بأن أقضي النصف الأول من السهرة في مطعم ذي خمس نجوم وسط دمشق، والنصف الثاني ربما انتقل لحضور حفلات الطرب الماجنة وخاصة بعد أن سمعت أن المطربة هيفاء ستحيي ليلة فنية صاخبة، وما يزيد لدي من دخل يؤهلني لدخول حفلات كهذه ..!
كيف أقضي هذه الليلة ؟ .. كيف سيقضي عامة الناس هكذا مناسبات دخيلة على عاداتنا وسلوكياتنا، ليال كهذه لها جمهورها، جمهور يتباهى أين سيسهر وماذا سيأكل وماذا سيركب من سيارات فارهة، أما نحن فيكفينا أن تحطّ علينا سعادة مجيء الكهرباء ساعة من الزمن، يكفينا سروراً عندما تأتينا رسالة السكر والرز أو تحديد موعد استلام أسطوانة الغاز، أو الحصول على ربطة خبز تصلح للأكل ..!
هكذا سأقضي ليلة كهذه ..شأني شأن غالبية الناس، مغلوبون على أمرنا اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً حتى . أين سنقضي تلك الليلة …؟! في الدار كما يقال, نلتحف البطانيات ونحلم بساعة كهرباء ليس إلا، وبالنسبة لي سألبس (الفروة) وأتلثّم بـ(شماخ) تجنباً لأي تيار بارد، وأضع حرامات فوق جسدي حتى أغفى ..! هذه حفلة رأس السنة عندي ..ودمتم سالمين ..!) .