يُقال إنه ومنذ آلاف السنين، بعد أن اشتد الخلاف بين العين والمخرز، وأصبح يُضرب بهما المثل في جميع الأنحاء، أعدَّ الطرفان لمعركة فاصلة تحسم الأمر بينهما إلى غير رجعة.
المخرز جلب معه السكاكينَ والخناجرَ والسيوف وخردوات المعادن المدببة والحادة، إلى جانب الرماح والفؤوس و”الشنتيانات” ومقابض الحديد المسنّنة، وكي يضمن النصر بشكل أكيد، استدعى السهام والبلطات والأوتاد الطويلة والمشحوذة جيداً، حتى الملاعق والطناجر وشوكات الطعام، تم جمعها مع الأسلاك والصفائح والدروع، كي تشارك في هذا اليوم العظيم، الذي خطط له المخرز بشكل جيد، بحيث لا تقوم بعدها قائمة للعين التي تمادت كثيراً في التحديق والنظر إلى الأفق وباتجاه الأعلى، من دون أن تقيم وزناً للمخرز الذي قضّت مضجعه هذه التصرفات وجعلته يظهر بلا فائدة بين أقرانه!.
العين من جانبها، جلبت جميع أنواع الحدقات التي اكتسبت خبرةً كبيرةً عبر عمرها المديد في النظر والاستكشاف والقراءة بعمق ما خلف الآفاق والسطور.. البصيرةُ والبصرُ حضرا معاً كي يشاهدا هذا اليوم العظيم ويشاركا فيه.. العيون الحالمة اصطفت إلى جانب العيون اليائسة والمتفائلة واللامعة من شدة الحب.. عيون عشتار الغاوية كانت في المقدمة إلى جانب عيون ميدوزا المنتقمة.. حتى العيون “المسبسلة” والمطروفة من شدة القهر لم تتخلف عن الموعد، وأيضاً جاءت معها العيون المنكسرة والواثقة.. العيون المغمضة جاءت هي الأخرى مع العيون المفتوحة والمثملة والمفقوءة.. العيون الساهمة وقفت إلى جانب المغرورقة بالدموع، والعيون الخائفة اصطفت بقرب العيون الجريئة.. جيش كامل من النظرات أعدته العيون كي يكون النصر لها في هذا اليوم العظيم..
المعركة دائرة منذ آلاف السنين، والعيون تقاوم وتقول للمخارز والسكاكين وقبضات المعادن: لا!.