النظام التركي يؤجّج الأوضاع في ليبيا

في زيارة غير معلنة, حطّ وزير دفاع النظام التركي خلوصي أكار أمس في العاصمة الليبية طرابلس برفقة وفد عسكري وأمني, في إعلان واضح أن تركيا عادت بقوة إلى الساحة الليبية بنذر تصعيد عسكري جديد بعد إعلان توقف المعارك بوساطة دولية وإقليمية, وكأنه لا يوجد اتفاق أمني وسياسي في ليبيا, وكأن تركيا غير مشمولة بالدعوات إلى سحب قواتها ومرتزقتها الذين لا يزالون, بأوامر من رجب أردوغان, يحتشدون على مختلف خطوط التماس لتقويض كل المساعي لحلحلة الأزمة في ليبيا.
تثير هذه الزيارة الاستفزازية العديد من التساؤلات والتكهنات حول توقيتها ودلالاتها المشبوهة, خاصة أنها جاءت غداة تهديد قائد الجيش الوطني الليبي اللواء خليفة حفتر بطرد القوات التركية من ليبيا عبر مواجهة حاسمة بدأت ملامحها تلوح في الأفق, غداة تمديد مهام القوات التركية غير الشرعية في ليبيا 18 شهراً إضافياً اعتبارا من 2 كانون الثاني القادم.
سريعاً, كشفت الزيارة عن نيات نظام أردوغان بتأجيج الحرب في ليبيا, من خلال تأكيد أكار لحليفه رئيس “حكومة الوفاق” فايز السراج استمرار التنسيق المشترك بما يتضمنه من تدريب وتسليح وتوحيد صفوف الميليشيات الإرهابية التي تصدعت بفعل الانشقاقات الأخيرة، وذلك استعداداً لمعركة تحضر لها أنقرة ضد الجيش الليبي.

كل ما يرشح اليوم عن التحركات العسكرية التركية غير المسبوقة يشي بأن أردوغان يحاول مجدداً تسخين الجبهة الليبية وإعادة أجواء الحرب التي يجند لها أردوغان كل أدواته الإرهابية على الأرض الليبية لإجهاض الاتفاق الأممي ونسف الحوار السياسي واستفزاز الجيش الليبي وجره إلى حرب يسعى إليها نظام أردوغان الذي يلعب اليوم في الوقت بدل الضائع بورقة الضغط الأخيرة للحفاظ على “مكتسباته” من الكعكة الليبية قبل نهاية كانون الثاني القادم حيث من المقرر تطبيق قانون استقرار ليبيا, وهذا ما لا يريده أردوغان.
وعليه, فان ليبيا مقبلة على حرب يجهز لها أردوغان لتثبيت وجود قواته هناك وتأكيد هيمنته على الميليشيات, مستفيداً من عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ موقف جاد وفعال في لجمه ومعاقبته على أعماله العدوانية, وما زيارة أكار اليوم سوى رسالة عسكرية جديدة يحاول أردوغان القول من خلالها إن أنقرة “هي صاحبة اليد الطولى” في طرابلس, ضارباً عرض الحائط بمخرجات جهود التسوية السلمية، بحثاً عن فوضى تطيل الأزمة وترفع سقف المكاسب وتعطي دفعاً إضافياً لدوران ماكينات الحرب التي ساهم “السلطان العثماني” ولا يزال في دورانها على الأراضي الليبية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار