يخطئ من يظن أن القطاع العام الصناعي كان في أحسن حالاته قبل سنوات الحرب على سورية , أو كان يعيش (ببحبوحة ويسر) في الإجراء والتنفيذ وقبلها التخطيط وصولاً إلى النتائج المرجوة منها, بل كان متخماً بالمشاكل والمعاناة التي تنخر جسده في مختلف مكوناته , وتوقف شركات كبيرة وخروجها بمنتجاتها من ميدان العمل والسوق, يرافقها شركات لم تخرج لكنها كانت خاسرة بامتياز بسبب غياب المعالجة , والرؤى الصحيحة التي توفر الأسباب والأرضية المناسبة للإصلاح ..!
وما قلناه ليس إلا القليل القليل من حجم المعاناة ومشاكل القطاع , مع كامل العلم من قبل أصحاب الرأي والمشورة وحالة الخذلان التي رافقت تلك الحقبة , وعلمهم بالدور الهام والكبير للقطاع العام الصناعي في المساهمة برسم خطوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنفيذها على أرض الواقع بما يضمن تحقيق العائدية الاقتصادية وهدفها في تحقيق مستويات دخل كبيرة تنعكس بصورة مباشرة على تحسين مستوى معيشة المواطنين.
من هنا كان لزاماً على أهل القرار ومشورة الفكر الاقتصادي إعطاء هذا القطاع الأهمية الكبيرة وبذل كل الجهود والطاقات لتطويره وتحديثه ليبقى مستمراً في العمل والإنتاج ضمن مفهوم شمولية الريعية الاقتصادية والاجتماعية .
وحاليا أفرزت الحرب على سورية مشاكل في غاية الخطورة استدعت إعادة النظر بنشاط بعض الشركات المتضررة والتفكير بتغيير نشاطها بما يحقق الجدوى الاقتصادية مع الحفاظ الكامل على حقوق العمالة ودعم نشاطات أخرى, والتوسع بها وتبني فكرة تجميع بعض الأنشطة في منطقة جغرافية واحدة , والإبقاء على النشاطات المتوازنة التي تؤمّن تشغيل العمالة وتوفير السلع دون أن تحقق الأرباح المطلوبة .
هذه الأمور برمتها تتطلب إعادة النظر بأولويات المعالجة في مرحلة ما بعد الأزمة و التركيز على الأنشطة الصناعية ذات الصفة الاستراتيجية , لذلك يجب وضع استراتيجية ثابتة , واضحة المعالم والأهداف , والوسائل التي تسمح بتنفيذها وتكفل تحقيق الأهداف واستقلالية القطاع والتحكم بمؤشرات الأداء وزيادة الإنتاجية , والأهم ترشيد الإنفاق ومعالجة الفساد في بعض المفاصل والاستفادة من الكفاءات والخبرات المتوافرة فيه, وهذه الترجمة لن تتم إلا بتحقيق جملة من الخطوات في مقدمتها: إعادة النظر بآليات انتقاء الإدارة وفق أسس علمية واضحة , وإنهاء حالة التشابك المالي , وتقييم الأصول الثابتة والمتداولة في الشركات , وتوفير رأس مال كاف تقوم وزارة الصناعة بتوزيعه حسب أولويات العمل الصناعي , وبما يتفق مع أهداف المرحلة المقبلة وبذلك تكون الصناعة بدأت أولى خطوات التنفيذ نحو صناعة متميزة وهادفة , فهل تفعلها وزارة الصناعة قريباً..!؟
Issa.samy68@gmail.com