النقد وجائزته.. الغائبان !

لا تزال مبادرة الهيئة العامة السورية للكتاب التي أطلقت مسابقات عدة لتحفيز الحياة الثّقافية في سورية، والتي تتجسد في: جائزة سامي الدّروبي للترجمة، جائزة حنا مينة للرواية، جائزة عمر أبو ريشة في الشعر، جائزة القصة الموجهة للطفل، جائزة اللوحة الموجّهة للطفل. واشترطت ألا يتقدم الفائز في عام ما للمسابقة في العام الذي يليه.!! لا تزال هذه المبادرة المهمة والضرورية للهيئة تغيب عنها جائزة النقد، رغم أنها جائزة لم تكن غائبة عن المبادرة، في سنوات ما قبل الحرب، حيث كانت الجائزة باسم الناقد الراحل محي الدين صبحي، فلماذا تم إغفال النقد من حسابات الهيئة؟
ولذلك سيظل يتساءل أغلب المبدعين عن غياب النقد وعن مواكبة الإبداع ويطالبونه بتسليط الضوء على إنجازاتهم، وإن كان سؤالهم يغفل أن الذين يشتغلون بالنقد ليسوا بشراً يتأثرون بظروف الحياة التي يخضع لضغوطاتها الاقتصادية أغلب الناس بما فيهم الذين يشتغلون بحقول الإبداع وفي الاختصاصات كلها . فالذي يشتغل بالنقد غير الذي يشتغل بالرواية أو الشعر، على سبيل المثال، فالروائي أو الشاعر ثمة محفزات ذاتية محضة لإبداعه، وهي لإرضاء نوازعه الذاتية فقط، في حين أن الذي يشتغل بالنقد محفزاته موضوعية، فإن لم تتوافر يصعب عليه العمل، فواقع مؤسساتنا الثقافية والأكاديمية لا تحقق للناقد كل ما يستلزمه من مراجع وحياة كريمة، وإصدارات جديدة، ومجلات متخصصة في كل أنواع النقد، نقد الفكر، نقد الأدب، ونقد الفنون المرئية، والفنون السمعية، والفنون الحركية (رقص واستعراض). في ظل ذلك تأتي أهمية المسابقات التي تحرض الذين يشتغلون في النقد، وتخلق أجيالاً جديدة، كما تسهم في تطوّر النقد والنقاد في آن واحد. ولعل هذه المسابقة إن عادت للحضور فإنها تعوّض عن غياب المجلات المتخصصة، ولذلك فحضورها دون أن تكون ملزمة للمتسابقين بنوع محدد من النقد، أو أن تخصص كل دورة لفن معين، فمجتمع لا حركة نقد فيه قد تتحول مياه حياته إلى مستنقع ولا يمكن أن تنمو فيها ألوان جديدة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار