الممكنات الأربعة
قيل سابقاً: إن كل شيء يبدأ صغيراً ثم يكبر إلا الحزن يبدأ كبيراً ثم يصغر، والحقيقة أن الحزن ليس وحيداً في عكس حركة النمو، بل يمكن أن تشمل أغلب المشاعر الإنسانية كالفرح والحب، وصولاً إلى اللامرئي من الإنسان والتي منها الأحلام مثلاً التي تبدأ كبيرة ثم تصغر!.
بين المرئي واللامرئي من الإنسان حركتان مختلفتان من حيث اتجاه النمو، المرئي منه يبدأ صغيراً ثم يكبر، ويعاكسه اللامرئي، كأن الأشياء اللامرئية دمى محشوة بقضايا ورقية أو مغلفة بأوراق الجرائد كالأدوات المُعَدة للنقل من مكان إلى آخر إلا أن العبارة التحذيرية (هشة، قابلة للكسر) لم تكتب عليها كما تكتب بإسراف على علب البسكويت ورقائق البطاطا!.
كل شيء يبدو ممكناً في البداية ثم تتضح استحالته، وهناك مرتبة ثالثة جعلها الفلاسفة عندما تحدثوا عن مراتب الوجود (الواجب، الممكن، والممتنع -المستحيل)، ونحن أكثر من يعرف مرتبة الواجب!.
كثيراً ما تراءت لنا الموجودات أو قدمت لنا الموجودات الممكنة على أنها واجبة (يجب أن تكون)، بينما هي في الحقيقة، لا يمكن أن تكون إلا في الأحلام، بمعنى أنها مستحيلة الوجود!.
الدعوة الإنسانية، التي تسعى إلى وحدة البشرية من دون تصنيف، أو معاملة الإنسان من دون قولبة، وفق صفات مسبقة، هذه الدعوة “المستحيلة” قدمت إلينا على أنها دعوة واجبة، يجب أن تكون، ثم عندما نكتشف أو نرى حقيقة أن العالم يجري وفق المصالح، ستصبح ممكنة، (من يدري) أو (ربما)، أو لأنه ليس من حق أحد سلب الحلم من أحد آخر، ستبقى ممكنة على الأقل في زمن مقبل!.
لهذا تبقى المستحيلات ثلاثة بالنسبة لنا (الغول والعنقاء والخل الوفي)، ويمكن أن يضيف العاشق مستحيلاً رابعاً: هو ألا يترك حبيبته!، وسواء كان صادقاً في ذلك أو لا، فلا شك في أنه يدرك تناهي ذلك (الاتجاه إلى النهاية)، لذلك فهو يراوغ التناهي، بالزواج والإنجاب، كأنه ينقل عاتق المستحيل إلى أحد ثالث، العهد أو الولد.
الأجدى من ذلك كله أنه على الإنسان أن يبحث في الممكنات، إلى ما يمكن أن يقوم به، ويزيد من أرقام الممكنات!.