ورقنا.. وهواتفهم الذكية

بالأمس القريب تذكرت وعدداً من الأصدقاء أيام كنا على مقاعد الدرس بجامعة دمشق في تسعينيات القرن الماضي وذاك المكافح الذي يبيع الصحف في حديقة كلية الآداب ويدلل عليها بصوته الشجي …”تااااايمز”…
كان أقصى طموحنا في ذلك الحين أن نحصل على وظيفة في مؤسسة صحفية وحينها لم تكن مهنة صاحبة الجلالة قد شابها الكثير من العكر ،إذ لم يكن يمتلك الكمبيوتر واللابتوب سوى الشريحة الغنية من أفراد المجتمع وكان مجرد العمل على تلك الآلة العجيبة وُلوجاً إلى عالم الذكاء التكنولوجي وقفزة فكرية تخرجك من عالم الرواية الطويلة وأغاني نجوم الفن والزمن الجميل التي تحتاج إلى ساعات من الاسترخاء والاستمتاع بمعاني كلمات كبار الشعراء وتدخلك في عالم سريالي تحاول فيه فك طلاسم العالم الرقمي الجديد .
اليوم تبدلت الحياة وصارت تقنيات العصر تغزو العقول ولم يعد للصحافة التقليدية من مكان يذكر في البيوت أو على طاولات المكاتب وأصبحت الهواتف الذكية ميزة العصر، ومواقع التواصل الاجتماعي منصات إعلام مهمة في حياة كل فرد منا ، ليركن الكثير من الناس ظهورهم إليها بعد .. وليرى بعضهم أن ما يتم نشره على صفحاتها اللامتناهية العدد يشكل إعلاماً حقيقياً خاصة أن فجوة لم يردمها أحد فصلت بين المواطن وإعلامه الرسمي وصار الإعلام بشكله الجديد مطية من يرغب دون النظر إلى ثقافته ودراسته الأكاديمية وصار القص واللصق سمة المشهورين من إعلاميي الفيسبوك في ظل غياب واضح لحقوق النشر وعدم مراعاة لأخلاقيات المهنة التي أصبحت عائمة جداً .
قبل ثلاث سنوات وخلال زيارة مسؤول رفيع المستوى لحمص اندفعت فتاة جميلة باتجاهه لتقول له: إنهم يمنعون دخولها لحضور الاجتماع المخصص للصحفيين رغم كونها (ناشطة فيسبوكية ) فأوعز لمن يلزم بضرورة وجودها في كل الاجتماعات …
اليوم تحول الإعلام لحديقة بلا أسوار تحميها !! وعلى الرغم من قناعتي أن الحاضر هو للإعلام الرقمي ولصفحات التواصل كافة إلا أن الإعلام الورقي بما يحمله من نكهة الماضي ومصداقيته لايزال لدي هو الأنقى وأنه المطبخ الأنظف للإعلام المسموع والمرئي …. ودمتم بألف خير .
esmaeelabdulh@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار