نشعلُ شمعةً كي لا نلعن الظلامَ، ونجلسُ لنستعيدَ شقاواتٍ وكِذباتٍ بيضاء كنّا افتعلناها لنغازلَ من ترتاحُ لهم أرواحُنا. نطهو إذاً أحلامَنا على ما تبقّى في قلبنا من لهيبِ الحبّ المتخامد الذي لم نعد نعرف كم سيطول حتى يتحوّلَ رماداً رماديّاً مثل سماء الشتاء الحزينة.
نتسلى بما يُتيحه لنا الفضاءُ الأزرقُ وعوالمه الافتراضية… وهكذا انتبهتُ أكثر إلى “حروب الّلايكات” المُعلنة والخفيّة. إذ إن هناك من “لايكُه” مثل الهمّ على القلب تشعرُ معها كما لو أنَّ مغناطيساً بوزن مِدحلة كان يشدُّ اليدَ التي وضعته.
وهناك من يخبّئون “لايكاتهم” الزرقاء لأيامهم السوداء كمَنْ على مصلحةٍ مع الحياة ومع الآخرين باعتبارهم منفعةٌ محتملة. وهناك من تشعرُ كما لو أنهم ورثوها عن أهلهم وراثةً وعليهم أن يضعونها في بيت “المونة” مع قطرميزات المكدوس أو أن يعلّقون “اللايكات” مع حبال الفاصولياء والبامياء المجففة.
ورغم تعدّد خيارات “الإيموجي” وقلوب الحبّ الملونة بألوان قوس قزح إلا أن هناك من تلتصق “اللايك” بإصبعه أينما حلَّ وارتحلَ ومهما تصفّحَ منشوراتٍ تُحفة فإنه لا يعلّق ولا يشارك ولا يتفاعل إلا بتلك اللايك” الباهتة مهما عصفت عواصف الفيسبوك واشتدت رياحُ السماوات الكحليّة.
وبعيداً عن أولئك المثقفين المتخمين بأنفسهم والذين يعدّون أنفسهم أكبر حتى من أن يتنازلوا ويضعوا “لايكاً” لأحد بكونهم المطوَّبين المكرَّسين كأنصافِ الآلهة وأنصاف البشر… هناك من يضعُ “لايكاً” كمَنْ يُبلسم لك جرحاً أو كمَنْ تحتضنك بهدوء العاشقة أو كمَنْ تستمعُ إلى وجيبِ قلبكَ في هدأة الليل الداجي.