المواطن «الفسفوس»!!

عندما كنا صغاراً ساهم في تربيتنا, إضافة إلى عصا المعلم وحزام الوالد و«شحاطة» الوالدة، الشارع وأولاد الجيران والأقارب من عم وخال وابنه إضافة للمدرسة ومن فيها من أصحاب.. ولقطات من مثل تجمع الرفاق وتهليلهم وتصفيقهم في وجه من بلّغ بوشاية أو حتى معلومة صحيحة صفقة متعوباً عليها وملحنة ما بين قافيتين, الأولى «ياعيبو فسّاد» والثانية «الفسّاد بيروح النار» أثرت بشكل كبير في عموم شخصيتنا, واختلطت علينا الأمور ونحن أبناء السبعة أو التسعة أعوام, وماعدنا قادرين على استيعاب الموقف أو قياس حدة الفروقات اللغوية والسلوكية المتشابكة بعقلنا الطفولي ,هل هي مجرد شكوى لتقويم الغلط أم إنها نميمة تودي إلى النار؟؟
ونمت بعد ذلك أجسادنا وزاد طولنا وتدورت و(تكلبظت) تفاصيلنا على عكس ثقافة شكوانا القابعة في حقيبة طفولتنا والتي ما تدربت ولا تفاعلت إلا بخجل مع يومياتنا..
وعلى الرغم من انتشار رسائل تحفيزية لتفعيل خدمة شكاوى المواطن وانتشار أرقام الشكاوى والأرقام الخدمية المتعوب عليها فنياً والحاضرة دائماً أغلفة المنتجات وسيارات التوزيع و«وصولات» الشراء والتسليم.. وحتى مكاتب المؤسسات الخدمية والوزارات التي تعنى إدارياً بقسم كامل وخاص بالتعامل مع شكاوى المواطنين إلا أن الطفل القابع في أعماقنا مازال خائفاً من توصيف أقرانه له بـ «الفسفوس» وصوت التصفيق يزلزل خلجاته كلما تداعى له صورة تجريم الأقران وتوصيفهم لمن تجرأ وشكا بأنه معيوب..
لذلك وكي لا يتحول -وبشكل نكوصي- من مواطن قلق إلى مواطن «فسّاد» و«فسفوس» تعالى على الشكوى واستنكر فعل الاتصال بأرقام الجودة والخدمة الموجودة أساساً لتحسين المنتج وغايتها المؤسساتية أصلاً رضا العميل على جميع مقدمي الخدمة الخاصة أو الحكومية.
هذا «التقوقع» على الفحوى الطفولية والموروث العبثي لابد من لفظه والتدريب والتشجيع على ممارسته وفق أسس قانونية وأخلاقية وضوابط مؤسساتية تضمن التقديم الخدماتي الأنجع للمواطن وترفض السلوكيات الافتراضية والغوغائية على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار