قضية رأي عام ..!!

ليس خبراً عادياً خروج أكثر من خمسين مدجنة من الخدمة في محافظة طرطوس .. ولا يمكننا إلا ان نتأسف لقيام بعض المربين بالتخلص من الصيصان التي دفعوا ثمنها, على اعتبار أنها أقل خسارة, هي ليست أحاديث عادية تقال للثرثرة,بل إنها تقال بحسرة وحرقة وألم ..المشكلة ليست عند المربين وليست عند التجار والمستوردين, بل إنها لدى مؤسسات حكومية أخذت على عاتقها تلبية طلب المربين ورعايتهم.
إن المؤسسة العامة للأعلاف تمادت كثيراً وأوغلت في تخسير المربين وهي صاحبة المسؤولية الأولى في توفير الأعلاف لمربي الدواجن والثروة الحيوانية.
عندما كانت الدولة تمول استيراد الأعلاف للمستوردين بسعر 400 للدولار في أعوام 2017 – 2019 على أن يتم تسليم مؤسسة الأعلاف 15 بالمئة من الكميات المستوردة, وصلت حصة المؤسسة إلى 50 ألف طن, وهذه تسلم من المستورد بسعر التكلفة ووفق البيان الجمركي ,فلماذا تفتق ذهن إدارة المؤسسة آنذاك إلى الاعتذارعن الاستلام ,لا أحد يعلم ..!!؟
لكن المعلوم أن هذه الكميات بقيت في مستودعات المستوردين,الى أن اكتوى المربون بلهيب أسعارها, والغريب أن لا وزارة الزراعة ولا غيرها من الجهات الرقابية سألت الإدارة عن مبررات تخريبها هذا.
إنها قضية فساد واضحة مهما كانت الحجج .. سوف تدفع ثمنها الحكومة الآن من خلال رصد حوالي 4 ملايين يورو للمؤسسة من أجل استيراد الأعلاف.
لم نكن بوارد ذلك لولا الحالة المزرية التي وصل إليها قطاع الدواجن في بلدنا, من ابتزاز التجار والمستوردين لهذه الفئة المنتجة ,إلى انهيار سعر الكيلو في المدجنة إلى 950 ليرة, علماً أن تكلفته الحقيقية هي 1100 ليرة.
لو أن هذه الحالة من الفساد .. وغيرها من الحالات تم علاجها ومحاسبة المتسببين بها , أو أن تكون أصبحت قضية رأي عام .. لن يتجرأ مديرأو مسؤول ما على فعلها مهما بلغت درجة استهتاره أو فساده, وأن نبدأ من هذه القضية لأن وقعها على أمننا الغذائي كبير جداً.
ما يلفت فعلاً أن هناك تفاصيل أخرى قد تكون أشد وطأة على قطاع الثروة الحيوانية بأكملها … وليس الدواجن فقط ,في كل الأحوال مازال الجرح طرياً ونازفاً .. ويمكن لأصحاب القرار استرجاع هذه الكميات من المستوردين ودفع ثمنها وفق البيانات الجمركية آنذاك ومحاسبة الذين اعتذروا عن استلامها , وهذا أقل تكلفة من الاستيراد حالياً, على الأقل تعيد هذه الكميات التوازن الى أسعار الأعلاف بسرعة أكبر, وحينها لتقرر الحكومة الاستمرار في الاستيراد من عدمه …!!
لكن كل تأخير سيزيد من أعداد المداجن التي تخرج من الخدمة .. وقد نصل إلى مرحلة يصبح الحصول على دجاجة كحلم الحصول على كيلوغرام من اللحمة .. !!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار