اكتشفت البشرية متأخرة أهمية المنفسة!. تلك البالونة الصغيرة التي توضع على الفم كي ترفع الأوكسجين إلى حده الأعلى، كانت أكثر من بلاستيكة ومجموعة برابيش يمكن تركيبها في غرف الإنعاش والعنايات المشددة كي تعيد إلى الأجساد المكربنة بالأوكسيد حيويتها وتجعل نسمات الهواء النقي تمر من القصبات بشكل سلس… بلحظة واحدة، ظهرت المنفسة أشد أهمية من أجهزة الموبايل والسيارات الحديثة وأسواق البورصة وثقافة فرق العملة التي عممتها الدول البلهموطية على البشر بفعل الدعاية والإعلان والفضائيات التي تطبل ليلاً نهاراً للقيم الاستهلاكية من أجل أن يظل الناس عبيداً لصاحب رأس المال.. وإذا قلنا إنه على البشر أن يعملوا من الآن فصاعداً استناداً إلى قاعدة “كل واحد منفستو معو” لا نكون مبالغين في تصوير المشهد، فالتوقعات تشير إلى أن البشرية تدخل صراعاً مخيفاً على صعيد البيولوجيات، التي ستجعلنا نشهد مستقبلاً، جميع أنواع الفايروسات والجراثيم والميكروبات، وصولاً إلى ظهور الديناصورات والتماسيح الطائرة والتنينات التي تنفث النار.. في كل هذا تبدو أرواح البشر معلقة بالمنفسة.. تلك “النفيخة” التي اعتقد البشر أنها لا تساوي شيئاً.. تحتل الصدارة الآن!.
ولأن المنفسة، مرتبطة من ناحية ثانية بتنفيس الناس إذا ما ارتفعت نسبة الضغط لديهم بسبب الفقر والتعتير وغلاء الدواء والطعام، فإن البشر مطالبون أيضاً بتنفيس أنفسهم بشكل طوعي كي لا يصابوا بالجلطة أو يخضعوا للتنفيس عنوة، فيقعون بذلك فيما لا تحمد عقباه!. واستناداً إلى كل ما أسلفناه، لابد أن يكون شعار البشرية في المرحلة القادمة: “كل واحد منفستو معو” أحسن ما “تلتعن أنفاسو” ويصبح في خبر كان!.
حيتان المال مشغولون بمرابح الاقتصاد وتخزين صناديق الخضرة وتجارة الخبز والكمامات ، بينما الإنسانية تختنق في المستشفيات من دون منافس ترد الروح للأنفاس.. الضمير يصرخ: أوكسجين!.