تخيّل معي طريقاً دولياً اعتدت السير فيه بسيارتك بسرعة 100 كيلو متر في الساعة على الأقل، وبين ليلة وضحاها وضعت فيه 6 مطبات من النوع اللئيم، وضمن مسافة لا تتجاوز كيلو متراً واحداً، من المؤكد أنك ستتفاجأ أول مرَّة، وربما تعبر المطب الأول بسرعة زائدة على المنطق، فتسبّ وتلعن عدم وجود إشارة تنبيه لكل تلك المطبات، لكنك مع الزمن ستخفف سرعة مركبتك، من دون تفكير حتى، وذلك قبل الوصول إلى المطب الأول، وستتعامل مع الموضوع ببساطة ومن دون أي تشنج أو ارتباك.
الأمر ذاته حصل وسيحصل معك أثناء ارتفاع سعر اللحمة والفروج والبيض والبصل… إذ ستكف عن رفع ضغطك وإيلام رأسك بسبب تفكيرك بلا معقولية تلك الأسعار، ومقارنتها بقدرتك الشرائية «التعبانة»، وستضع شعاراً لحياتك مفاده «خبزنا كفاف يومنا»، ثم ستقوم بحركة التفافية معيشية بسيطة، تتجسد إما بتخفيف استهلاكك لتلك المادة الغذائية أو تلك، أو الامتناع عن استهلاكها كلياً، مع استغلال بعض المناسبات الخاصة كالتعازي ولقمة الرحمة فيها، بحيث تترحم على سلالة عائلة المرحوم وصولاً إلى جدِّه الأول، وفي الأعراس ستسرح وتمرح مع اللحومات والفراريج وأمثالها.
وكذلك الأمر أيضاً بعد «فوبيا» الكورونا، التي جعلتك تخفف اندفاعتك العاطفية تجاه أصدقائك ومعارفك إلى الحد الأدنى، فالسلام من بعيد، والمُصافحة شبه مُلغاة، والقُبَلْ ممنوعة، والغمرات مُحرَّمة، والعطسة ملغومة، والسَّعلة محسوبة، وارتفاع الحرارة مُصيبة كبيرة, فالصحة تاج على رؤوس الأصحاء، ولعل أكبر مفارقة هي أن معنى الكورونا هو التاج أو الهالة، فكيف تكون الصحة تاجاً، والكورونا أيضاً؟! هذا جعلك تتوخى الحيطة والحذر في كل تعاملاتك الشخصية، وأن تهلوس بنظافتك الشخصية ونظافة محيطك القريب، وأن تشكَّ في كل شيء حتى بمن يقول لكَ: «يا تاج راسي».