أفعالُ محبّة!

أول البارحة كان «عيد المرأة العالمي» لكنني لن أحدّثكم عنه بذاته، لأن بعد عدة أيام سيكون عيد المعلّم أيضاً ويليه عيد الأمّ ثم عيد الكذب الأبيض وربما ستنبت على الطريق بينهما أعيادٌ من تحت الأرض مثل «فطر الضبابة» أو هندباء الربيع. لكن أيضاً ليست الأعياد ما سأحدّثكم عنه لأنني شخصياً لديّ «فوبيا الأعياد» الشكليّة وتسبّبُ لي «كريزة رمل» وقشعريرة (يا أمّي دخلك) لذلك لم يعد يهمّني منها إلا قطع «الكيك» والشوكولاته إنْ وجدت.
لكني سأحكي لكم حكاية الحكيم الصينيّ الذي عشِقَ امرأةً وخطبَ وِدَّها فطلبت منه مقابل ذلك أن ينتظرها جالساً على كرسيٍّ أمام نافذة بيتها مئةَ يومٍ وليلة، وبعدها ستكون له. ففعل ما طلبتْ وبقيتْ تراقبه كلَّ يومٍ من دون أن تتحدّث معه ولا كلمة، لكنه في اليوم التاسع والتسعين نهضَ، حملَ كرسيّه، ومضى!.
مع هذه النهاية غير المتوقعة سيقهقه بعضُ الرجال ممن تسّميهم النساء بـ«الذكوريين» أو سيبتسمون ابتسامةً ماكرةً يحيّون فيها فعلته باعتباره «قبضاي» و«ما حطّها واطية» وردّ لها الصاع صاعين. وربما ستقول بعض «الفيمنستات» أي النساء المدافعات بشراسة عن حقوق المرأة بأنه: برافو عليها لأن الرجال لا يتعلّمون كيف يحترمون النساء إلا بهذه الطريقة، «فمَنْ يخطبِ الحسناءَ لم يُغْلها المهْرُ».
لكنْ بشيء من التعقّل ننتبه إلى أنّ الحكيم اكتشفَ بعد لياليه المتأمّلة أنّ الحبَّ كفكرةٍ مجرّدة لا يمكن أنْ تلمسَ جوهرها وتكتشفَ عظمتها إلا من خلال «الفعل» وليس عبر الكلام والتسميات والأخيلة.
وهكذا بالقياس إلى الواقع يصبح «ما نفعله» يجب أن يكون أهمّ مما نصوغه في شعارات وإنشائيات ودعايات و«بالونات» تزيينية بقصد الترويج لعيدٍ هنا أو احتفالٍ هناك. فأنْ تفاجِئ زوجَتَك عزيزي المواطن بوردةٍ أو هديةٍ وأنْ تُفرحها بمشوارٍ مخصّص ومرتّب من أجلها مع «سيران مشاوي» أو «ساندويشة شاورما» أو كأس بوظة إنما هذه «أفعالُ محبّة».. تحيّةً للنساء جميعهن ليس فقط في عيدهنّ بل من أجل ليالي الانتظار الطويلة التي قضينها بصبر الأمهات المحاربات.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار