تراجيديا التوتر العالي!

«بعد أخذٍ وردّ، وكرٍّ وفرٍّ، وإقبال وإدبار، لم أجد إلا جلمودَ صخرٍ حطَّه التَّوتُّر على رأسي مباشرةً، وليس من «عَلٍ»، وإنما أعلى من العالي بكثير، فأنا لا يكفيني 260 أمبيراً مثلاً، ولا أقبل مصيبة بشدّة تقلّ عن 300 أمبير، لأنني أجذب المصائب الكبيرة، أما الصغيرة فتعافني من تلقاء ذاتها» هذا ما قاله صديقي «صابر»، وعندما قاطعته مستفسراً، مستوضحاً، كي أستوعب ماذا جرى معه، تابع: «رفَّت الكهرباء رفَّةً جعلت معظم «ترانساتي» تحترق برفَّة عين، ولولا دارة الحماية لصار البراد في خبر كان، والغسالة إلى غرفة الإنعاش، والتلفزيون إلى العناية المركزة على أقل تقدير، لكن على ما يبدو أن بعض الاحتياطات خففت وطأة التوتر العالي الذي مرَّ بالمنظم، ولشدَّته أحرق دارة الحماية فيه، وبعد طلب طوارئ الكهرباء علمنا أن الخلل في خط البناية الذي ذاب على بعضه، فالتصق الحامي بالبارد، مثلما حصل بأعصابي تماماً بعدما علمت أننا بحاجة لتقديم طلب من أجل تبديل الكابل المغذي للبناية، وذلك لعلمي أن البيروقراطية تضرب أطنابها زيادةً عند الضرورات القصوى، فكيف إن كان طول الكابل ثلاثين متراً، ما علينا، المهم أن توتُّرنا عاد عالياً، وعال العال، وسنضع له خرزة زرقاء قريباً».
هنا قلت لصابر: «لماذا كل هذا النَّدبْ التَّوتُّري إذن؟ عليك أن تشكر وتصلّي ليل نهار لأنك شَهِدْتَ كهرباءً ليست مثل تلك التي لا تستطيع إشعال مجرد «نيون»، وإنما كهرباء قادرة على إشعال حرائق، وضرب مكثِّفات، وإتلاف دارات حماية». قاطعني: «وإتلاف أعصاب، وتخريب مزاج، وتوتير أجواء، ورفع ضغط وسكر وكوليسترول معاً.
أعرف أنك تحاول التخفيف عني، لكنني صرفت نصف راتبي ثمن «ترانسات»، وما زلنا في أول الشهر، حتى إنني لم أعد قادراً على شراء تلك الخرزة الزرقاء لكابلنا العزيز»، في هذه اللحظة «فقع» صابر ضحكة شدتها 300 أمبير تردد صداها في الأرجاء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار