سألني أحد القراء إن كنت أرى جدوى من كتابة هذه الزاوية.. أم إنها لا تعدو كونها نوعاً من التنفيس؟… وللحقيقة والتاريخ: كثير من الزوايا تذهب سدىً لأنها قد تحتاج تعديلاً في القوانين، وتعديل القوانين يحتاج مداخلات، ودراسات، ونقاشات، وميزانيات، ومداولات، وتخريجات، وعقد مؤتمرات، وتوصيات، وتصويتات، وفرز أصوات، وموافقات، وتشكيل لجْنات.. ثم الاصطدام رأساً إلى رأس، أو نقرة إلى نقرة، بالجبال الشاهقات.. وبالروتين الحزين… ومع ذلك يعرف المواطنون أن كثيراً من الممارسات التي كان يظن (أبطالها) أنها ستمر تحت عباءة العتمة والتعتيم، جرت إضاءتها بأضواء من شموع ساطعة، ولم تفلح (الغرابيل) في حجب نورها.. والأغلب في الأمر هو وصول أصوات المواطنين المساكين الراكضين في بوادي الرغيف الحنون إلى آذان الكبار السامعين.. وهذا ما تطرحه (الزاوية) بالقلم المفهوم.. أو بدروب ملتفة على شكل أفانين!.. وإليكم المثال من الشباك بدل الباب:..
تقول إحدى المرويات العربية القديمة، وأظنها من العصر العباسي، إن أحد وجهاء البصرة عمّر داراً.. وكان في جواره بيت لامرأة عجوز يساوي عشرين ديناراً.. واحتاج صاحب الدار لتوسيع داره على حساب بيت العجوز.. فبذل فيه مئتي دينار.. لكن العجوز رفضت الصفقة!.. وقيل لها: إن القاضي يحجر عليك لخَرَفك، حيث ضيّعت مئتي دينار لما يساوي عشرين ديناراً!!… فقالت العجوز: لماذا لا يحْجر على من يشتري بمئتي دينار ما يساوي عشرين ديناراً؟!!..
فأفحمت القاضي ومن معه.. وظل البيت في يدها إلى أن ماتت….
أقول قولي هذا، وأستغفر الله من كل تأويل عظيم!..