هاتفني صديق قديم وسألني إن كانت الكهرباء (مستيقظة) في حارتنا، كي يأتي لزيارتي.. وطمأنته بأن كهرباء منطقتنا لا تنقطع (تكريماً) لأحد قاطنيها!… ومن سوء حظ زائري أن الكهرباء انقطعت بعد دقائق من وصوله… وكان لابدّ من تشغيل (الليدّات)، وفي الوقت ذاته انطلقت أصوات عشرات المولدات التي تعمل في كثير من الورشات والدكاكين والمحلات المجاورة.
ووسط مثل هذا الضجيج، راح صديقي يخاطبني بصوت مرتفع.. وقال: لماذا لا توقف وزارة الكهرباء كل هذه المولدات، وتجيّر استهلاك محركاتها من الوقود لصالحها، وتخفف ساعات التقنين وفقاً لنظرية «الأواني المستطرقة»؟!… وأجبته بأن فكرته تستحق الدراسة حقاً.. ولعلها إذا اعْتُمدت قد تساعد في حل جزء من المشكلة.
وهنا تذكرت أحد أصدقائي المبدعين، ورحت أروي لزائري قصته، وبعض إبداعاته في مجالات كثيرة، لكنها بقيت كمشاريع حصلت على براءات اختراع، ولم تطبق على أرض الواقع…. ومنها تصميم ما سماه مصيدة (الرياح).. وهو تصميم بسيط، وبتكلفة متواضعة، ومنشآت خرسانية تشيَّد في أرض مفتوحة باتجاه تأتي منه رياح دائمة الهبوب كما هي الحال في البراري الشرقية من مدينة حمص، لتدخل الرياح من أبواب واسعة تنتهي بفتحات ضيقة مزودة بعنفات تدور بطاقة الرياح المجانية، كما هي الحال في توليد الكهرباء بمياه السدود!… وقد تقدم صاحبي بمشروعه لجهات مختصة، ونال منها تقديراً وجائزة مالية ضمن إحدى المسابقات…. وبعد أن أنهيت حكايتي.. سألني زائري: وماذا بعد؟!.. أجبته: لا قبل، ولا بعد… بقي المشروع رسومات هندسية على الورق.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!.