أول القطاعات التي أعطتها القيادة والحكومة أهمية مطلقة بعد أن بدأت الحرب الظالمة على سورية بوضع أوزارها هي القطاعات الاقتصادية المنتجة، وأولها الزراعة والصناعة، فالدعم الحكومي الذي قُدّم لقطاع الصناعة ليس بقليل أبداً في ظل حرب عاتية أكلت الأخضر واليابس، وبرغم ذلك فسرعان ما بدأت مقومات الصناعة في المدن والمناطق الصناعية السورية تعود للحياة من خلال إعادة شبكات الخدمة وترحيل الأنقاض وإعادة التيار الكهربائي والمياه والطرقات وشبكات الاتصال والصرف الصحي…إلخ، وهذا كلّف ملايين ملايين الليرات، وعلى سبيل المثال، تم ضخ نحو ملياري ليرة في منطقة فضلون والقدم وحوش بلاس الصناعية لعودة الحياة إليها، كذلك في منطقة تل كردي والمدينة الصناعية في عدرا وغيرها من المدن والمناطق الصناعية السورية، وبرغم كل الجهود المبذولة يطالب بعض الصناعيين بالمزيد.
ولكن اللافت للنظر أن البعض من الصناعيين يرفض المساهمة بقرش واحد لدعم الصناعة الوطنية ويعتقد بأن هذه الأعمال هي من اختصاص الحكومة ويتذمر عند فرض أي ضريبة أو رسوم أو غيرها (وأقول البعض)، بينما الكثير منهم كانت لهم أياد بيضاء وطنية في هذا المجال، وطبعاً الشيء بالشيء يذكر، وأنا أوجّه كلماتي هذه إلى الصناعيين الذين يرفضون تقديم أي شيء لمصلحة قطاعهم الصناعي الوطني.
منذ أيام قدم بعض الصناعيين شكوى لمكتبنا في ريف دمشق مفادها: إن أحد الشوارع القريبة من منشآتهم الصناعية بحاجة إلى إعادة تزفيت من كثرة الحفر الموجودة فيه، وعندما ذهبت لمتابعة الشكوى وجدت أنه طريق صغير تحيط به منشآت صناعية كبيرة من كل الجوانب، استغربت وسألت أصحاب الشكوى: لماذا لا تسهمون أنتم بإعادة تزفيته وهو لن يكلفكم شيئاً إذا ما أردتم ذلك، وجدت أن صناعيينا ليسوا على قلب رجل واحد، فالقليل يريد أن يسهم والكثير يتهرب من ذلك…. صدمت حقيقة من صغر المشروع ومن تهرب الصناعيين.
هنا لعله من المناسب القول: الوطن يحتاج إلى تضحية أكثر من ذلك بكثير… ودمتم.