تسويق الحمضيات… فشل موسمي ينتظر حلاً ناجعاً
تشرين- لمى سليمان:
موسم جديد للحمضيات، تعوّل عليه الكثير من العوائل كمصدر رئيسي لمعيشتها، وعلى أساسه تبنى مواسم أخرى، فهل سيُمنى بفشل تسويقي وخسائر تقع على عاتق الفلاحين بعد عوائق كثيرة ألمت به؟ و هل من سبل إنقاذ ناجعة هذه المرة؟
إذ حتى الآن لم تستجر “السورية للتجارة” ولو جزءاً صغيراً من الـ 20 ألف طن التي تم الحديث عنها في الاجتماع الأخير المتعلق بالحمضيات، لأسباب تغايرت بين تصريحات التجارة الداخلية واتحاد الفلاحين.
وكما يؤكد عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام للفلاحين نضال شاهين، فإن السبب يكمن في كون التسعيرة التأشيرية التي تم الإعلان عنها مؤخراً غير مجزية للفلاحين ولا تتناسب مع التكلفة، حيث بلغت تكلفة الكيلو الواحد 3 آلاف ليرة سورية، وذلك بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج بالدرجة الأولى.
وعلى الرغم من أن المحصول يعدّ جيداً هذا العام، حيث قدرت الكميات بـ688 ألف طن، كما يوضح شاهين، والمساحات المزروعة كانت 30500 هكتار، إلا أن المحصول تعرض للإصابة بمرض جرب الحمضيات أو ما يسمى بالعنكبوت الأحمر ذي البقعتين، والذي أدى إلى تلف كمية لا بأس فيها من المحصول.
إضافة إلى وجود العديد من العقبات التي تعوق تسويق المحصول، وأهمها نقص الوقود المخصص للآليات التي تنقل المحصول من المزرعة إلى سوق الهال، وغلاء العبوات البلاستيكية التي تتم تعبئة المحصول فيها. إذ بلغ سعر العبوة سعة 6 كيلوغرامات ما بين 4000 إلى 4500 ليرة . وهناك معاناة جديدة- حسب شاهين- تكمن في عدم قدرة الفلاح الحصول على قيمة المحصول الذي باعه للتاجر، لعدم قدرة الأخير على تحويل المبالغ المالية ذات القيم الكبيرة بين المحافظات. وبانتظار أن تقوم السورية للتجارة بالبدء باستجرار الـ 20 ألف طن التي تم تكليفها باستجرارها، إذ وبحسب ما صرح به مدير عام السورية للتجارة في الاجتماع الأخير، تم وضع سعر تأشيري للحمضيات على ألا يقل عن 4 آلاف ليرة سورية للكيلو الواحد، وعن وجود أرقام معلنة للتواصل مع الفلاحين لتسويق محصولهم، إلا أن الاستجرار لم يبدأ بعد لأن التسعيرة غير مجزية.
من جهة ثانية، أكد مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أن السورية للتجارة بدأت بالفعل استجرار كميات قليلة من الحمضيات وبالسعر التأشيري المقدر بـ 4 آلاف ليرة في بعض المحافظات مثل دمشق وريفها وحمص بغية توزيعها على صالات السورية لبيعها. والسبب في تدني نسبة الاستجرار أن موسم الذروة بالنسبة للحمضيات لم يبدأ بعد. ناهيك بأن سعر البرتقال في الأسواق أغلى من السعر التأشيري المخصص من قبل السورية للتجارة، ولذلك يبادر المزارع إلى بيع محصوله للتاجر بدلاً من السورية للتجارة.
كما يظهر، فإن تسويق الحمضيات بات مشكلة حولية متكررة بلا حلول، حتى لينتهي الأمر أحياناً بتبديد كميات كبيرة من المحصول من دون فائدة مادية تذكر، وكما يصفها الخبير الزراعي أكرم عفيف، فهي قضية كل عام، و لن يكون ما سمّاه بـ”وهم” السورية للتجارة الحل الناجع، لكون الكميات المسوّقة كل عام لا تشكل نقطة في بحر الكميات المنتجة، ناهيك بأن أسلوب التسويق الذي يقتضي إعادة الكميات التي تم استجرارها من المنتجين ليتم إتلافها إذا تعذر بيعها في صالاتها أو يتم توزيعها مجاناً، وبالتالي فإن المواطن الذي يحصل على حمضيات مجانية لن يبادر إلى شرائها. إضافة إلى الأسعار غير المقبولة والتي لا تتناسب مع التكلفة أو حتى الجهد .
وبالتالي فإن السياسة غير المدروسة التي تتبعها السورية للتجارة وأسعارها ليست بالأمل الذي يرتجيه الفلاحون في تسويق حمضياتهم.
ويمكن الجزم – حسب عفيف- بأن الخسائر هذا الموسم لم تتمثل بالأسعار غير المتوافقة مع التكاليف فقط، وإنما مع التكاليف الإضافية التي فرضتها بعض الأمراض، والتي تعتبر أمراضاً دائمة، مثل مرض العنكبوت الأحمر الذي يحتاج عادة إلى بخّتين للعلاج خلال العام، ولكن تأخر الأمطار هذا العام أوجب بخّة علاجية ثالثة، وهو أمر فرض تكاليف إضافية فوق التكاليف الأساسية والأسعار غير المقبولة. ليصبح الأمر كخسارة محتمة لموسم بأكمله.
مما سبق يمكننا القول: إننا أمام دورة موسمية محكومة بالفشل، ابتداء من التكاليف العالية لمستلزمات الإنتاج والوقود والعلاج إلى سوء إدارة في تسويق الإنتاج وتحديد السعر غير المتكافئ مع التكلفة وحتى الجهد. فلا ضير في أن يلجأ المزارع إلى البحث عن بدائل تقيه شر العوز .