بعد اتصال شولتس ببوتين.. هل تسير الدول الغربية على خطا برلين؟
تقرير – راتب شاهين:
لا يستطيع الكثير ممن يدعي العقلانية في أوروبا، أن يفسر أن معاداة العرب لموسكو بدفع ودعم أوكرانيا لاستفزاز روسيا، يأتي في مصلحة بلدانهم، فماذا تجني أوروبا من قطع العلاقات مع روسيا؟. السؤال الذي منع طرحه في المرحلة الماضية من قبل واشنطن، فأوروبا هي الأكثر تضرراً من قطع العلاقات مع موسكو، لكنه أمر واشنطن، الذي لا يمكن تجاهله في الزمن الأمريكي.
ولأنها أوامر انطلقت من الولايات المتحدة، في عهد الحزب الديمقراطي والرئيس جو بايدن وصقوره الذين دفعوا كييف للحرب، يمنح التغيير الجديد في أمريكا الفرصة لبعض زعماء أوروبا، الذين كانوا منذ البداية في موقع الحذر، للعودة إلى السياق الطبيعي للعلاقة بين بلدانهم وروسيا، وعدم إطاعة واشنطن إلى النهاية والمناورة قدر ما يمكن، لجهة عدم قطع الطريق مع موسكو باتجاه المغادرة بلا عودة، لما في ذلك من مصالح كبرى تجمعهم مع جارتهم روسيا.
بعد التغيير في واشنطن، كان أول الغيث قطرة، المستشار الألماني أولاف شولتس، أجرى محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والاتصالات في العلاقات الدولية لها طابع روتيني، لكن اتصال شولتس له أهمية خاصة لسببين؛ أولهما: إنه الاتصال الأول بين الزعيمين منذ كانون الأول 2022، ثانيهما: جاء بعد التغيرات الحاصلة في أمريكا، لجهة عودة الرئيس السابق دونالد ترامب للصدارة وخاصة بعد تصريحاته حول إمكانيته التفاهم مع الرئيس الروسي لوقف الحرب.
شولتس دعا خلال المحادثات إلى إنهاء النزاع المسلح في أوكرانيا، هذا يؤكد دور أمريكا بالموافقة، أو أقله ضمان شولتس، لعدم غضب واشنطن من إقدامه على الخطوة باتجاه بوتين. فألمانيا لن تستطيع إيقاف النزاع بلا رغبة وإرادة أمريكية.
ما جنته أوروبا عموماً وألمانيا خصوصاً من قطع العلاقات مع روسيا، استبدال الغاز الروسي الرخيص الذي كان يؤمن أفضلية للصناعة الأوروبية، بغاز ذي تكلفة عالية تقدمه شركات أمريكية، وبالتالي هبوط الناتج الصناعي وخاصة الألماني، إضافةً لتوترات جيو- بولتيكية، كانت القارة الأوروبية بغنى عنها، وإلى ذلك من مصادرة قرارها السياسي في الحرب والسلم، وإلى النفوذ إلى العلاقات الدولية من ثقب الإبرة الأمريكية.
المصلحة الألمانية واضحة في إعادة ربط العلاقات مع روسيا، فلا يمكن زرع الشكوك حولها، لكن مجريات الأحداث المتسارعة خلال السنوات السابقة في النظام الدولي ككل، جعل من بعض القيادات الأوروبية رهينة للأهواء الأمريكية، حتى ضد مصالح بلدانها، فما أصاب الصناعة الألمانية من انكماش، يعتبر كدليل واضح على عدم مراعاة القادة فيها لمصالح بلدانهم.
ويبدو أنه ما بعد اتصال شولتس ببوتين، فإن هناك حكومات غربية ستستغل الفرصة لتتبع خطوات برلين باتجاه موسكو.