75% من موارد الاقتصاد السوري تتدحرج في قنوات خفيّة..خبراء ينصحون بضرورة الاستدراك السريع
تشرين – ميليا اسبر:
يشكل اقتصاد الظل المحلي حوالي 65 % من إجمالي الاقتصاد الرسمي حسب خبراء اقتصاديين، وهذا ما يحرم الخزينة العامة من إيرادات كبيرة، ربما تصل إلى مليارات الليرات، لكنه بالمقابل يوفر آلاف فرص العمل، لاسيما في هذه الظروف.
وانطلاقاً من ذلك كان الأجدى للجهات المعنية أن تعمل على تنظيم هذا النوع من الاقتصاد بشكل يعود بالفائدة على الدولة والمواطن معاً.
أنواع اقتصاد الظل
يبيّن الدكتور بالاقتصاد عابد فضلية أن لاقتصاد الظل نوعين، الأول: نشاط مشروع من حيث طبيعته (مثل إنتاج المنظفات)، لكنه غير مرخص من الإنتاج لسبب ما، والثاني اقتصاد الظل الأسود الممنوع قانوناً ولا يمكن ترخيصه أصلاً (مثل التهريب وإنتاج منتجات مخالفة للمواصفات)، مضيفاً: إنه من الصعب قياس حجم اقتصاد الظل بشكل دقيق، ولكن التقديرات تفيد بأنه تراوح بين 40 و 50% قبل الحرب على سورية، وازداد ليصل إلى 60 – 65% أثناء الحرب.
فضلية: تراوح بين 40 و 50% قبل الحرب على سورية، وازداد ليصل إلى 60 – 65% أثناء الحرب
بدوره، الباحث بالشأن الاقتصادي عامر شهدا أوضح في تصريح لـ”تشرين” أن اقتصاد الظل في سورية يضيّع أكثر من 75% من الناتج الإجمالي، لكن في المقابل هناك تراجع بالنسبة لتحصيل الضرائب، والدليل وجود ارتفاع عجز بالموازنة وأيضاً بموارد الخزينة العامة، وهذا ما اضطر الحكومة للاستدانة، سواء عن طريق سندات حكومية أو عن طريق مصرف سورية المركزي.
شهدا: يضيّع أكثر من 75% من الناتج الإجمالي
تراجع ضرائب الدخل
وبيّن شهدا أن تراجع الموارد سببه تراجع ضرائب الدخل وقد وصل التهرب الضريبي إلى أكثر من أربعة آلاف مليار ليرة، حيث عجزت السياسات التي اتبعتها الحكومات الأخيرة عن حل مشكلة التهرب الضريبي، وتالياً أصبح هناك تصاعد للتهرب الضريبي الذي أخذ حجماً كبيراً من السوق على أرض الواقع، فهناك مواد كثيرة غير مسموح استيرادها، وهذا مؤشر إلى اقتصاد ظل وأيضاً إلى تهرب ضريبي بالوقت نفسه.
وأشار شهدا إلى موضوع العمالة التي تعد أيضاً اقتصاد ظل، حيث إن أجور العمالة التي تسافر إلى الخارج لا تخضع لنظام ضريبي في سورية، وتالياً تقدم مجهوداً بأرخص الأسعار، بمعنى أنّ العمالة السورية تخسر الموارد الحقيقية التي يجب أن تحققها، وتالياً تخسر خزينة الدولة نسب الضرائب على الدخل، موضحاً أن العمالة السورية الموجودة حالياً في العراق تحقق موارد عالية للخزينة العراقية من هذا الوفر، على اعتبار أن العمالة هي نتيجة ارتفاع عرض الأيدي العاملة السورية والتي خفضت الأسعار، حيث كان العامل السوري يتقاضى 500 دولار شهرياً، أما اليوم فيتراوح ما بين 200- 300 دولار، أي إنها أصبحت رخيصة، وهذا يؤدي إلى وفر للخزينة العراقية.
غياب المؤشرات
وذكر شهدا أن سورية في طور انتقال اقتصادي، وقد تم طلب تحديد سياسات تجديد وإصلاح سياسات اقتصادية، لكن السؤال كيف للحكومة أن تقوم بتغيير سياسات اقتصادية بغياب مؤشرات، ومنها مؤشرات اقتصاد الظل، منوهاً إلى أنه إلى اليوم لم يعلن المكتب المركزي للإحصاء عن أي نسب لاقتصاد الظل، كذلك لم يعلن عن انعكاسات هجرة الأيدي العاملة إلى دول الجوار وحتى إلى دول أوروبا وانعكاساتها على الناتج المحلي الإجمالي وكذلك على موارد الدولة وعلى قطاع التشغيل.
وشدد على ضرورة توفير أرقام موثوقة وقواعد بيانات صحيحة كي تستطيع الحكومة وكذلك المجتمع الأهلي تقديم حلول مقاربة للوضع الحقيقي للاقتصاد في سورية.