تدوير الأزمات
أزمة النقل على ما يبدو باقية وتتجدد، فلا يكاد المواطن يتنفس الصعداء لأيام معدودة، ويفرح في سره خوفاً من “عين تصيبه”، فقد وصل لمبتغاه من دون عناء “التدافش” وماراثون الوصول لباب السرافيس.
وغبطته أن مسؤولي النقل وجدوا حلاً لهذه الأزمة التي طالت، إلا أن فرحته هذه لم تطل، بل أزمة النقل عادت للواجهة من جديد، وخاصة أوقات الذروة ومع بداية دوام المدارس والجامعات، وتفاؤل المواطن ذهب أدراج الرياح.
واليوم تطالعنا أزمة نقل خانقة، ومعها انتعشت تجارة السوق السوداء للبنزين والمازوت، وبالتالي ارتفاع أجور النقل بحجة قلة المحروقات.
وأزمة النقل تتجدد اليوم بعد صدور قرار تخفيض مخصصات المحافظة من المحروقات بنسبة ٢٠٪، وهذا ليس بجديد مع هذا التوقيت من كل عام، هذا التوقيت العصيب، وخاصة لطلاب الجامعات الذين لا يجدون وسيلة تقلهم من مناطقهم إلى جامعاتهم، وليس تخفيض المخصصات هي المشكلة فقط، وإنما تعاقد عدد كبير من السرافيس والباصات مع الشركات والجامعات الخاصة.
وما زاد الطين بلة وأرهق طلاب الجامعات ارتفاع أجور نقل السكك الحديدية لتصل إلى ١١ ألف ليرة من طرطوس إلى اللاذقية، وأصبح القطار الذي كان له الأثر الإيجابي الكبير بنقل المواطنين، وبالأخص طلاب الجامعات خلال السنوات الماضية بأسعار مقبولة ومنافسة، أصبح عامل تنفير بدلاً من أن يكون عامل جذب، وهل باستطاعة الطالب أن يتحمل أعباء النقل بالقطار ويدفع يومياً ٢٢ ألف ليرة ذهاباً وإياباً، بينما في الوسائل الأخرى ١٢ ألف ليرة؟.
ولماذا لم يتم لحظ تسعيرة مخفضة خاصة بطلاب الجامعات تشجيعاً لهم وضمان تأمين وسيلة نقل مريحة، والأهم التخفيف من أزمة النقل على وسائل النقل الأخرى؟.
أما مازوت التدفئة، فحكايته لم تنتهِ، فأكثر من ٢٠٪ من سكان المدن لم يحصلوا على مخصصات الشتاء الفائت، ورغم المطالبات لا حياة لمن تنادي، والمبررات دائماً موجودة بأن المخصصات لا تكفي.
أزمات النقل والمحروقات باتت تؤرق المواطن، وخاصة في هذا التوقيت من العام، فهل عجز المعنيون عن إيجاد حلول استباقية واستثنائية لهذا التوقيت أم اعتدنا أن نؤجل وندور مشكلاتنا لحين وقوع الأزمة، لنبدأ بالاجتماعات والمباحثات لتنتهي الأزمة قبل الوصول لحلول جذرية بانتظار أزمة جديدة؟!.