«ملف تشرين».. أولويات ملحّة أمام مجلس الشعب الجديد.. إعادة صياغة القوانين المالية والنقدية والاجتماعية

تشرين- رشا عيسى:
يتربع الشأن الاقتصادي والاجتماعي على رأس أولويات مجلس الشعب الجديد بدوره التشريع الرابع، وفقاً للخبراء والانطلاق من السياسات وليس من الخطط، لكون آليات الإنتاج تعطلت في صورة جزئية أو كلية ببعض الحالات، وصولاً إلى إعادة النظر في القوانين والأنظمة لدفع الاقتصاد قدماً بما يتناسب مع القوانين العربية والدولية، وتجنب القوانين المرحلية بغية جذب المستثمرين الحقيقيين مع سلة تسهيلات متكاملة، أملاً في أن تنعكس إيجاباً على الوضع المعاشي خصوصاً، والاقتصادي عموماً.
السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب أمام مجلس الشعب بمناسبة افتتاح الدور التشريعي الرابع للمجلس قال: “عندما نذهب إلى إجراء مفرد، مهما يكن هذا الإجراء صحيحاً فهو إجراء بأحسن الأحوال غير فعال، لذلك علينا أن ننطلق دائماً من السياسات وليس من الخطة ولا من الإجراء، السياسات والرؤى هي أهم شيء نركز عليه في علاقتنا مع السلطة التنفيذية”.
وأضاف: “لننطلق في كل ما سبق من مناقشة السياسات العامة أو الكلية للحكومة ثم القطاعية المنبثقة منها في السياسات الوزارية، ولنبنِ نقاشاتنا على تشخيص دقيق للواقع والأسباب، والتشخيص أساسه الوضوح والشفافية، فمعظمنا يعيش اليوم في خضم تساؤلات عن الوضع المعيشي حول كيفية الخروج من الوضع الراهن، وعن الحاضر والمستقبل، والأولوية في هذه الحالة وفي مثل هذه الظروف ليست للطمأنة ورفع المعنويات على أهميتها، بل لشرح الواقع كما هو من دون تجميل وتحليله وطرح الحلول الممكنة، فلا شيء أخطر علينا اليوم من اتباع سياسة الهروب إلى الأمام وإنكار الواقع، بدلاً من مواجهة التحديات ومعالجة المشكلات، وواقعنا اليوم هو إضافة إلى نتائج الحرب المعروفة، بالنسبة لكم، نتيجة تراكمية لعقود من السياسات العامة في مختلف القطاعات، لذلك لا يمكننا الخوض فيه وتغيير هذا الواقع من دون ربطه بما سبقه من مراحل.. طبعاً ربما يقول أي شخص، خاصة أصحاب النيات السيئة، إنني خرجت وأدنت المرحلة السابقة، أو المراحل السابقة، أو حمّلت مسؤولية كل المشكلات التي نمر بها على الماضي، لا.. هذا الكلام غير صحيح، لأن الحاضر هو ابن الماضي، الحاضر هو نتيجة الماضي، الحياة هي سياق مستمر، لا نستطيع أن نتحدث عن الحاضر بشكل مجرد ومنفصل عما سبقه ولا عما سيليه”.

الجانب الاقتصادي والاجتماعي
أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان أكد لـ« تشرين» أن المرحلة القادمة تتطلب من مجلس الشعب التركيز على الجانب الاقتصادي والاجتماعي لكون آليات الإنتاج تعطلت جزئياً أو كلياً في بعض المناطق، بسبب الخراب والدمار الحاصل خلال الأزمة، وثم يركز على الأنظمة والقوانين لكي يعيد الحياة الاقتصادية إلى المرحلة السابقة أو لتتناسب مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية والدولية، ما يتطلب العمل على إعادة صياغة القوانين الاقتصادية والاجتماعية التي تمس الجانب الاقتصادي والاجتماعي معاً، والعمل على تطويرها لأن هذا التطوير سيجذب المستثمرين من جديد إلى الاقتصاد الوطني.

يجب العمل على إعادة صياغة القوانين الاقتصادية والاجتماعية التي تمس الجانب الاقتصادي والاجتماعي معاً والعمل على تطويرها لأن هذا التطوير سيجذب المستثمرين من جديد إلى الاقتصاد الوطني

تعديل وتطوير
كما أن تعديل وتطوير القوانين المالية والنقدية وإلغاء كل التشريعات الاستثمارية التي ظهرت في مرحلة الحرب، هي أمور ستشجع المستثمرين على العودة وإقامة مشروعات جديدة تخدم الاقتصاد الوطني في إيجاد العمالة وتأمين السلع الضرورية للمواطنين، وتصدير الفائض بهدف جلب القطع الأجنبي اللازم لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. فالصناعة التي تضررت كثيراً لا بد لها من الانطلاق مجدداً لتخدم باقي القطاعات المختلفة من زراعة وتجارة، ما يسهم في زيادة معدل النمو الاقتصادي الذي تركز عليه كل الخطط الاقتصادية في سورية.
وبيّن كنعان أن الأولويات هي الوضع المعيشي للسكان والأسعار، وأن يتم لحظ مستوى الرواتب، وإيجاد التوازن، ويتم طرح زيادة الأجور إلى المستوى المطلوب.

تعديل وتطوير القوانين المالية والنقدية وإلغاء كل التشريعات الاستثمارية التي ظهرت في مرحلة الحرب ستشجع المستثمرين على العودة وإقامة مشروعات جديدة تخدم الاقتصاد الوطني

إعادة النظر بنص القانون كاملاً
وأشار كنعان إلى أن الأنظمة والقوانين أغلبها قديمة، وأكثرها كانت تعدل جزئياً، لذلك تجب إعادة النظر بنص القانون كاملاً بما يتوافق مع مستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي وصلت إليه البلاد والدول الأخرى، أي يجب أن تأخذ القوانين المحلية بالقوانين العربية والعالمية بما يتناسب معها، مع التخلي عن وضع قوانين تراعي الظروف الحالية، بل قوانين تراعي العالمية، لأنه من غير المعقول أن يكون هناك نص قانون يتعارض مع نصوص القانون العربي أو الدولي، ما يعطل العمل الاقتصادي والاجتماعي، لذلك من الضروري أن تأخذ القوانين الحالية صيغة القوانين الدولية، لأن العالم تحول إلى قرية صغيرة، وعليه فإن على كل بلد أن يعيد صياغة قوانينه وتشريعاته بما يتناسب مع التطور الحاصل في الظروف الحالية وهذا يحتاج إلى لجان وكفاءات.

• يجب أن تأخذ القوانين المحلية بالقوانين العربية والعالمية بما يتناسب معها مع التخلي عن وضع قوانين تراعي الظروف الحالية.. بل قوانين تراعي العالمية لأنه من غير المعقول أن يكون هناك نص قانون يتعارض مع نصوص القانون العربي أو الدولي

الاهتمام بالوضع المعاشي
ورأى كنعان أن القوانين الاقتصادية تحتاج إلى إعادة صياغة لتتناسب مع القوانين الدولية، ولذلك يجب أن ننطلق من اعتماد السوق الاجتماعي، أي أن تكون القوانين الاقتصادية الجديدة التي سيناقشها مجلس الشعب مع الحكومة تراعي الوضع الاقتصاد كاقتصاد رأسمالي إلى جانب الاهتمام بالوضع المعيشي للسكان كما يحصل في دول متقدمة، أي إن القانون يخدم الاقتصاديين والرأسماليين وأيضاً شريحة الفقراء بحيث يقدم الإعانات لمن لا عمل له، أو لمن غير قادر على العمل، أو لذوي الاحتياجات الخاصة، وبهذه الحالة نطبق اقتصاد السوق الاجتماعي.

 القوانين الاقتصادية تحتاج إلى إعادة صياغة لتتناسب مع القوانين الدولية ولذلك يجب أن ننطلق من اعتماد السوق الاجتماعي

اقتصاد السوق الاجتماعي مطبق في أغلب دول العالم، لأنه لا توجد دولة في العالم إلا وتقدم للفقراء والمحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة مساعدات كي يدخلوا إلى الدورة الاقتصادية، لأنه كلما خرج أفراد من الدورة الاقتصادية زاد الضغط على الاقتصاد الوطني، بينما إذا دخل الأفراد إلى الاقتصاد الوطني وينفقون فيه، فينمو الاقتصاد ويتطور بشكل مستمر.

مراعاة حالة الاقتصاد السوري
ولفت كنعان إلى أن الأنظمة والقوانين التي سيعمل عليها مجلس الشعب، يجب أن تراعي حالة الاقتصاد السوري الخاصة، التي هي الخروج من الأزمة وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتأمين موارد أو الانطلاق من الموارد المحلية بالإصلاح التدريجي للخدمات العامة من الصحة والتعليم والرياضة والنظافة وغيرها، أو إصلاح مشروعات البنية التحتية من كهرباء ومياه واتصالات، لأنها مشروعات ضرورية جداً لاستمرار الحياة، لأنه في حال كانت هذه المشروعات متخلفة أو لا تتناسب مع الظروف الراهنة فسنلاحظ أن أعداد الهجرة تزداد، وهذا ما يعانيه الاقتصاد السوري وخروج الكوادر والكفاءات وذلك بسبب مشروعات البنية التحتية وتردي مستوى الخدمات.

 الأنظمة والقوانين التي سيعمل عليها مجلس الشعب يجب أن تراعي حالة الاقتصاد السوري الخاصة، التي هي الخروج من الأزمة وإعادة إعمار ما دمرته الحرب إصلاح مشروعات البنية التحتية من كهرباء ومياه واتصالات لأنها مشاريع ضرورية جداً لاستمرار الحياة

قوانين أساسية
وعن أهم القوانين التي من الأفضل العمل عليها، وفقا لكنعان، هي تلك التي تراعي الشأن الاقتصادي، أو قانون محاربة الاحتكار، وتشجيع الاستثمار والمستثمر الحقيقي، وحرية الاستيراد للمصدرين والمستوردين حتى يؤمنوا المواد الأولية للصناعة الوطنية.. وأيضاً قوانين تشجع التصدير، وتقديم إعانات للمصدرين كما هي الحال في دول أخرى، إضافة إلى قوانين الإعفاءات الضريبية للمنشآت الجديدة، والقوانين المالية ( قانون الضرائب- قانون ضريبة القيمة المضافة- قانون التمويل وتشجيع المصارف على إقرار المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقانون تحرير سعر الصرف، وإلغاء كل القيود على حركة الأموال الداخلة والخارجة، وقوانين تشجيع الشركات المساهمة وزيادة عددها لكون سورية تمتلك سابقاً 120 شركة مساهمة، وأيضاً قوانين تحويل الدعم السلعي إلى دعم نقدي كما هو حاصل في الدول الأخرى، والتوقف عن دعم السلع من خلال تخفيض أسعارها، وقانون الأجور بتحديد الحد الأدنى الضروري اجتماعياً، مقارنة مع السلة الغذائية الضرورية لكل أسرة، وهنا ننطلق من صندوق النقد الدولي الذي حدد الحد الأدنى للأجور الشهرية في سورية بمليونين ومئة ألف ليرة سورية.

الانتساب إلى منظمة التجارة العالمية ووضع عدد من التشريعات التي تساعد على هذا الانتساب، لأن ذلك يخفض الأسعار على المستهلكين ويحد من حالات الاحتكار

وأيضاً الانتساب إلى منظمة التجارة العالمية ووضع عدد من التشريعات التي تساعد على هذا الانتساب، لأن ذلك يخفض الأسعار على المستهلكين ويحد من حالات الاحتكار، وضرورة تشكيل لجان حكومية ولجان خبراء.

أقرأ أيضاً:

«ملف تشرين».. فكرة جيدة.. مجلس “حكماء” يقدم الاستشارات لمجلس الشعب وفق ركائز محدد

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار