التعليم المهني… تحديات وأمانٍ
قرارات كثيرة اتخذتها وزارة التربية مؤخراً، هدفها تحسين جودة التعليم في مدارسنا على مختلف أنواعه، سواء العام أو المهني، وزادت وزارة النقل القدرة الاستيعابية للتعليم المهني البحري في طرطوس من 65 طالباً إلى 200 طالب.
خطوة جيدة تركت ارتياحاً كبيراً لدى الكثير من أهالي الطلاب الراغبين في متابعة دراسة أبنائهم في هذا الاختصاص، ومهما كانت الدوافع لهذه الرغبة، فهي خطوة صحيحة باتجاه تشجيع التعليم المهني والتقني، وخاصة في ظل ما نعانيه اليوم من تحديات كبيرة، وأهمها هجرة الكثير من الخبرات الشابة المتقنة للمهارات الفنية والتقنية إلى دول الجوار والدول الأجنبية، وبتنا بحاجة ملحة للبحث عن كفاءات جديدة في مختلف الاختصاصات.
من هنا، لا بد من النهوض بواقع التعليم المهني والتقني في مدارسنا وتحسين واقع أداء الموارد البشرية العاملة فيه، من خلال تطوير المهارات العملية للطلاب للاندماج في سوق العمل وتحسين فرص التوظيف وتحقيق التنمية الشاملة وتحسين الحياة الاقتصادية.
فالتعليم المهني، وكما هو معروف للجميع، أساس التنمية التي اعتمدت عليه كبرى الدول وازدهرت بازدهاره، ومنها ألمانيا واليابان. ولكن للأسف حتى اليوم، ورغم أهمية هذا النوع من التعليم وريادته الاقتصادية ما زلنا ندور في حلقة مفرغة، ولم نستطع حتى اليوم جذب الطلاب لهذا النوع من التعليم بإرادتهم، وما زال ينظر إليه نظرة دونية، بأنه لا ينتسب إليه إلا (الفاشل) وغير القادر على الوصول إلى مجموع جيد في شهادة التعليم الأساسي. إضافة إلى ظهور تحديات كبيرة واجهت العملية التدريسية في مدارس التعليم المهني والتقني خلال السنوات الأخيرة، ومنها عدم وجود الكهرباء، وبالتالي توقف مهن كثيرة عن الدروس العملية طوال العام، منها اختصاص الحاسب واللحام وغيرها من المهن التي تحتاج للكهرباء بالدرجة الأولى مع غياب البديل وعدم وجود مستلزمات الإنتاج بما يكفي.
وهذا انعكس سلباً على العملية التعليمية، وبات الطالب يقضي أغلب وقته من دون اكتساب مهارات، بل يقضي معظم وقته في اللهو والتجمع أمام المدرسة.
نأمل أن نشهد قرارات جريئة وملموسة من قبل وزارة التربية، يلقى من خلالها التعليم المهني والتقني الدعم اللازم من خلال خطط تنموية وتدريبية وتأمين كافة الاحتياجات للعملية التعليمية للنهوض بواقع هذا التعليم، وبالتالي رفد سوق العمل بكوادر مؤهلة ومدربة، وتحويل هذا التعليم من مستهلك إلى منتج.