ارتفاع الإنفاق على الألعاب الرقمية بالمنطقة العربية.. و52 % من جيل الألفية يفضلون ممارسة ألعاب الفيديو
تشرين- يسرى المصري:
الانتشار الواسع لبرامج الألعاب الكترونية على مواقع التواصل والنت لم يعد خافياً على أحد أضف الى آثاره السلبية من تراجع المستوى الدراسي لطلابنا إلى جانب حالات الاكتئاب والأضرار الصحية طبقاً لذوي أطفال ومعالجين نفسيين، وسط غياب خطط رسمية أو رقابة.
وتعج دمشق والمحافظات بصالات لألعاب الفيديو يرتادها أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عاماً، دون وضع شروط لنوع اللعبة أو تحديد ساعات معينة للعب.
وكانت ألعاب الفيديو تعتمد، حين ظهرت قبل 30 عاماً تقريباً، على الرسوم المتحركة البسيطة، إلى أن حظيت باهتمام كبير من قبل مبرمجي الحاسوب لتصل في النهاية إلى مستوى هائل من التطور التقني.
وحسب مواقع الكترونية تعتبر ألعاب الفيديو، وخاصة “البلايستيشن”، أحد أشهر أشكال التسلية لدى الأطفال واليافعين، ويعدها البعض طريقاً سهلاً وقصيراً يمنح الطفل فرصة كي يكون البطل الذي يريده.
ويعتقد متخصصون في العلاج النفسي أن هذه الألعاب تحرض على العنف أحياناً من خلال بعض الألعاب التي تحتوي الكثير من الدماء والوحشية.
أهم الصناعات الرقمية في العالم
لم تعد ألعاب الفيديو مجرد وسيلة تسلية يضيع الأطفال وقتهم فيها، بل تطورت هذه الصناعة مع تطور التقنيات المختلفة لتصبح الآن إحدى أهم الصناعات الرقمية في العالم أجمع لتنبثق أسفلها مجموعة واسعة من الصناعات المختلفة التي تعتمد عليها بشكل رئيسي، مما أدى إلى توسع قطاع هذه الألعاب بشكل كبير وتحوله إلى فئة من فئات التسلية العالمية بعد أن كان جزءا صغيرا يضم مجموعة متشابهة من الألعاب.
يعود الفضل جزئيا في هذا التطور الواسع داخل قطاع ألعاب الفيديو إلى القدرات التي وصلت إليها الحواسيب ووحدات المعالجة في العالم، إذ أصبحت الحواسيب قادرة على توليد عوالم تقترب من الواقع بشكل كبير للغاية، مما ساهم في أسر قلوب الملايين حول العالم وجذبهم إلى عالم الألعاب الرقمية.
كما أن الألعاب الرقمية أصبحت جزءا من الهوية المكونة للكثير من أبناء جيل الألفية والجيل زد، والذين أصبحوا اليوم يشكلون القوة الشرائية العظمى في العالم، إذ يتحكمون في أكثر من 300 مليار دولار سنويا وفق أحدث دراسة نشرتها مجلة “فوربس”.
ممارسة ألعاب الفيديو
لذلك، كان من المنطقي أن يتوجه جزء كبير من هذا الدخل والقوة الشرائية إلى الهوايات التي يفضلها هؤلاء، والتي شكلت الألعاب الرقمية الجزء الأكبر فيها، وهو ما أكدته دراسة نشرتها مجلة “فارايتي” في أبريل/نيسان الماضي، إذ كشفت أن 52% من أبناء جيل الألفية يفضلون قضاء وقتهم في ممارسة ألعاب الفيديو.
هذا الاهتمام العالمي لم يكن بمنأى عن المنطقة العربية التي كانت لها حصة من الإنفاق العالمي على الألعاب الرقمية في عام 2023، والذي وصل إلى 1.92 مليار دولار مع توقعات بتجاوز 2.6 مليار دولار بحلول عام 2027.
الألعاب الرقمية في المنطقة العربية
الألعاب الرقمية أصبحت جزءا من الهوية المكونة للكثير من أبناء جيل الألفية والجيل زد (مواقع التواصل الاجتماعي)
المزيد من الإقبال على الألعاب الرقمية في المنطقة العربية
تظهر تفاصيل الإنفاق المحلي على قطاع الألعاب الرقمية في التقرير الذي نشرته شركة “نيكو بارتنرز” مطلع/شباط 2024، وهو تقرير سنوي تطلقه الشركة لتحليل هذا القطاع في المنطقة العربية.
نمو الإنفاق على قطاع الألعاب
التقرير أظهر بوضوح نمو الإنفاق على قطاع الألعاب الرقمية في المنطقة العربية بمقدار 7.8% عن العام الماضي محققا هذا العام 1.92 مليار دولار تقريبا مع توقعات بوصوله إلى 2.65 مليار دولار عام 2027، وذلك عن منطقة “مينا- 3” كما تطلق عليها الشركة، وهي تشكل الدول الثلاث الرئيسية في الإنفاق على الألعاب الرقمية في المنطقة العربية.
وفي مقدمة الدول المنفقة على الألعاب الرقمية جاءت المملكة العربية السعودية مشكلة 57.6% من إجمالي الإنفاق على هذا القطاع، وتليها الإمارات مع 31.9%، ثم مصر مع 10.5% من إجمالي الإنفاق المحلي على الألعاب الرقمية.
ورغم أن السعودية تقود المنطقة في الإنفاق على الألعاب الرقمية فإن الأمر يختلف كثيرا في إجمالي عدد اللاعبين، إذ تمتلك المملكة 30.4% من إجمالي عدد اللاعبين في المنطقة العربية وعلى النقيض تستحوذ مصر على 58.5% من إجمالي عدد اللاعبين والإمارات 11.1% فقط، وذلك من إجمالي عدد اللاعبين الذي وصل هذا العام إلى 68.4 مليون لاعب.
ورغم أن التقرير المتاح عبر موقع الشركة لم يتطرق إلى نسب الإنفاق على المنصات المختلفة في عالم الألعاب الرقمية بالمنطقة فإنه من المتوقع أن تتفق هذه النسب مع معدلات الإنفاق العالمية على منصات هذه الألعاب التي غطاها تقرير شركة “نيوزو” للتحليلات.
وهذا يعني أن الحصة الكبرى من الإنفاق المحلي على الألعاب الرقمية تأتي من ألعاب الهواتف المحمولة ممثلة 49% من إجمالي الإنفاق، وتليها ألعاب المنصات المنزلية عند 29%، ثم ألعاب الحاسب الشخصي مع 21% من إجمالي هذا الإنفاق، وهو ما يتفق أيضا مع التوجه العالمي للكثير من شركات تطوير الألعاب الرقمية في تقديم ألعاب للهاتف المحمول وألعاب للمنصات قبل تقديم ألعاب الحاسوب الشخصي.
يذكر أيضا أن إنفاق مصر المتمثل في 10.5% من 1.92 مليار دولار، أي ما يتجاوز 20 مليون دولار يأتي وسط أزمة اقتصادية بسبب توافر النقد الأجنبي داخل الدولة، مما يشير إلى أن معدلات الإنفاق هذه قد ترتفع في حال انتعاش الاقتصاد.
نمو جاذب للاستثمارات المحلية
النمو الواسع في الإنفاق على قطاع الألعاب الرقمية في المنطقة العربية جذب أنظار المسؤولين المحليين والمستثمرين حول العالم، مما أسفر عن تنامي الاستثمارات داخل هذا القطاع على جميع الأصعدة بداية من الاستثمارات والدعم الحكومي لفرق الألعاب الإلكترونية وحتى ظهور شركات الألعاب الرقمية المحلية واهتمام الشركات العالمية بإطلاق الألعاب الخاصة بها في المنطقة.
لم يقتصر الدعم في قطاع الألعاب الرقمية في المنطقة على السعودية فقط، إذ أعلنت الحكومة المصرية عن تأسيس اتحاد الرياضات الإلكترونية في الدولة وضمه تحت مظلة وزارة الشباب ووضع خطة متكاملة للمشاركة في البطولات المحلية والعالمية.
اهتمام عالمي بالمنطقة
رغم الحجم الكبير للإنفاق على الألعاب الرقمية في المنطقة العربية فإن بعض الشركات ما زالت ترى أن المنطقة ليست أهلا لاستثماراتها، وهذا يظهر بوضوح في تجاهل قوانين المنطقة واشتراطاتها في إطلاق الألعاب الرقمية العالمية عبر إزالة ما يتعارض مع الذوق العربي العام. لكن هذا التجاهل ليس حالة عامة بين جميع شركات الألعاب، إذ إن الأغلبية العظمى من الشركات تهتم بالمنطقة وتحاول تلبية متطلباتها، بل وترى أنها أرض خصبة تستجيب للمزيد من الاستثمارات العالمية والمحلية.
لذلك، سعت الكثير من الشركات إلى تعزيز وجودها في المنطقة عبر بناء واجهات رسمية لها والتعاون مع الأجهزة الرقابية من أجل إطلاق الألعاب الرقمية رسميا مثلما يحدث مع متاجر “بلاي ستيشن” في السعودية والإمارات.
الاهتمام لم يكن حكرا على شركات تطوير المنصات والألعاب الرقمية الضخمة، بل إن العديد من الشركات الصغيرة ترى أيضا أهمية المنطقة وتعمل على بناء ألعاب تتماشى معها، ويظهر ذلك بوضوح في الألعاب الرقمية التي تقدم أحداثا خاصة لموسم رمضان وغيره من المناسبات المحلية، وهو ما قامت به ألعاب رقمية كبيرة مثل “بوبجي” و”فورتنايت” أيضا.
ووسط كل هذه الاستثمارات والدعم العالمي لقطاع الألعاب الرقمية في المنطقة تظل شركات تطوير الألعاب المحلية غائبة عن الساحة، إما عبر غياب كامل عن إطلاق هذه الألعاب أو حتى عبر إطلاق ألعاب رقمية لا ترقى إلى مستوى المنافسة، ولهذا يظل السؤال الحقيقي: هل سنرى يوما ما ألعابا رقمية عربية قادرة على المنافسة عالميا؟