الثورة المنعطَف
في كلّ عام تتجدد المناسبة، ثورة الثامن آذار، نعم إنها مناسبة وليست ذكرى، فالذكرى ربما تُطوى، بينما المناسبة تبقى في تجدد دائم، ماثلة أمامنا لنستلهم من مبادئها ونستقي منها مع كلّ تحدًّ يواجهنا .
ثورة الثامن من آذار شكلت منعطفاً ومَعلماً تاريخياً بارزاً في تاريخ سورية والمنطقة، ونقطة تحول جليّة في تطور وطننا، فهي التي وضعت الأُسس واللبنات الأولى لبناء سورية الحديثة المتطورة، فكانت بحق ثورة العمال والفلاحين والمثقفين ضد قوى الاستبداد والتخلف، قوى الإقطاع والبرجوازية التي سخّرت مقدرات الوطن لخدمة مصالحها الخاصة.
إنّ ما حققته الثورة من إنجازات عظيمة بإزاحتها لقوى الظلم والاستغلال وانتصارها للعمال والفلاحين والكادحين في المجتمع، كان ثمرة تمسك الجماهير بهذه الثورة، باعتبارها مرحلة تاريخية للبناء والانتقال إلى دولة حديثة معاصرة تتغلب على الصعوبات محقّقة تطلعات شعبها، ومثبتة أنه لا يمكن لشعب متمسك بأحقّية قضاياه وعدالتها أن يُهزم.
كانت ثورة الثامن من آذار هي مَن وضعت اللبنات الأولى والأسس لبناء سورية الحديثة، وكان قيام الحركة التصحيحية انطلاقة مهمة وحدثاً متمماً لها للبناء والإعمار، شمل الصروح العلمية والثقافية والجامعات والمدارس والمشافي والمراكز الصحية وتطوير الأرياف، بما حقق تنمية متوازنة كاملة، جعلت من سورية دولة محققة لاكتفائها الذاتي على جميع الصُعد ومتقدمة في جميع المجالات.
اليوم واحد وستون عاماً مرت على انطلاق ثورة الثامن من آذار، ونحن نخرج من حرب مدمرة استهدفت سورية لأكثر من عقد، وخلّفت الكثير من المنعكسات الكارثية والأعباء التي أثقلت على شعبنا وبلدنا وبناه التحتية ومقدراته، بل ودمرتها.
تداعيات تلك الحرب فرضت تحديات جديدة على جميع القطاعات الخدمية والاقتصادية وغيرها، وبتنا على أعتاب مرحلة تتطلب منا التكاتف وتوحيد الجهود وتكثيفها، والاستقاء من تجاربنا السابقة في إثبات أننا قادرون على تخطي المحن والمصاعب مهما تفاقمت، وأنّ لا شيء مستحيلاً.