انتحال صفة
نصادف أثناء مهمات عملنا لدى بعض الجهات أحياناً أشخاصاً يستفسرون ويسألون ويطلبون معلومات تحت مسمى أو صفة إعلامي، بالرغم من أن هؤلاء لا يمتّون إلى المهنة بأي صلة ولا يتبعون لأي وسيلة إعلامية عامة أو خاصة مرخصة، بل ينشطون في صفحات خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومعظم منشوراتهم «نسخ لصق» من جهد الآخرين ومن دون الإشارة إلى المصدر.
المستغرب في الأمر أن تلك الجهات باتت تتعاطى مع أولئك المتطفلين كأنهم إعلاميون حقيقيون وتزودهم بالمعلومات من دون التأكد من ماهيتهم الإعلامية، بل ترد أحياناً على ما يتناولونه في صفحاتهم كأنها تضفي عليهم شرعية لا يستحقونها، والأكثر من ذلك أن منتحلي صفة الإعلامي أصبحوا محببين ومقربين من بعض الجهات أكثر من الإعلاميين الفعليين لكونهم يتقنون “تمسيح الجوخ” الذي يرغب به القائمون على بعض المفاصل، كما أن طلباتهم الخاصة محط اهتمام وترحيب وتلاقي استجابة سريعة.
للعلم؛ وأثناء حفل الاستقبال الذي أقامته محافظة درعا بمناسبة عيد الصحافة في منتصف شهر آب الماضي، تنطح أحد الحضور ووقف على منصة الحديث الجانبية وبدأ يكيل الانتقادات لعمل إحدى جهات الإعلام الرسمية كأنه يمثل هيئة رقابية معنية بالتقييم والتقويم، وذلك الشخص، الذي لا علاقة له بالعمل الإعلامي من قريب ولا من بعيد كان من بين متطفلين كثر «تسندوا» على مقاعد القاعة، وطلب التعريف بالحضور في نهاية حفل الاستقبال الذي تخللته كلمات الثناء المبطنة ببعض التوجيهات والمحددات، أظهر جلياً مدى التمادي على المهنة من موظفين وغيرهم، فيما لم يعترض على وجودهم أحد من القائمين على حفل الاستقبال.
إن الأخطاء التي ترتكب أو الإساءات التي قد تحصل من مستبيحي المهنة باتت تحسب على الإعلام برمته، وخاصةً أن الكثير من المتابعين لم تعد لديهم القدرة على التمييز بين الإعلام المهني المرخص وذلك المتطفل الذي لا يعي أو يراعي معايير المهنة في ظل فورة الصفحات التي تنشط بالنشر في وسائل التواصل الاجتماعي، ولذلك المأمول إزاء الفوضى الحاصلة تطبيق ضوابط العمل الإعلامي ووضع حدّ للمتطفلين الذين استباحوا المهنة وأساؤوا إليها والإيعاز لمختلف الجهات بعدم التعاطي معهم.