تباين أداء المؤشرات الاقتصادية.. الأموال تذهب لأسواق العقارات وتراجع بالإنتاج والصناعة
يسرى المصري
أين تذهب أموال المستثمرين؟ وما الرابط الذي يجعل أسعار الأراضي والعقارات ترتفع بأرقام خيالية وهل هي استثمار آمن أم رابح.. أم مؤشرات اقتصادية أخرى..؟.
وماذا عن مشروع إعادة الإعمار هل سيكون قاطرة النمو التي تنعش الاقتصاد.. أم إن تجميد الأموال في العقارات هو أحد أسباب تراجع الاستثمارات الصناعية والإنتاجية؟.
الكثير من التساؤلات تقفز إلى الأذهان مع مراقبة مؤشر أسعار العقارات الذي يرتفع مراراً وتكراراً، وقد يثبت خلال فترات زمنية قليلة لكنه عصي على التراجع مثل كل الأسعار!.
نسأل الخبير الاقتصادي هشام خياط: هل يمكن أن تشكل العقارات محوراً هاماً من محاور التنمية في المرحلة الراهنة، وهل تقوم بدور في دفع عجلة النمو، وخلق المزيد من فرص العمل، وتحريك النشاط الاقتصادي؟.. أم إن النظرة الشاملة للوضع الاقتصادي الحالي تكشف أن الاستثمار بالعقارات قد يكون عائقاً أمام الاستثمار لأن ما نحتاجه هو زيادة الإنتاج والسلع وتثمير الأموال بينما يؤدي العقار إلى تجميد الأموال وزيادة التضخم؟.
يرى الخبير الاقتصادي هشام خياط أنه في حالة الانتعاش الاقتصادي وتوفر السيولة تشكل العقارات قاطرة نمو في العديد من الصناعات والأنشطة الأخرى المرتبطة بها، حيث ثبت أن أكثر من 92 صناعة ونشاطاً ترتبط بقطاع العقارات، منها ما هو مرتبط بمرحلة ما قبل الإنشاءات مثل مكاتب الدراسات والاستشارات العقارية، والمكاتب الهندسية، وشركات التسويق. ومنها ما هو مرتبط بمرحلة الإنشاءات مثل صناعة المقاولات، وصناعة مواد البناء، ومنها ما هو بعد مرحلة الإنشاء مثل شركات التشغيل والصيانة، وغيرها من الصناعات المكملة لهذا القطاع.
ويرى خياط أن المستثمرين بالعقارات في حالات التضخم والأزمات يلجؤون إلى هذا الاستثمار باعتباره آمناً وقليل المخاطر مقارنة بالأنواع الأخرى من الاستثمارات. وقد ساهمت عدة عوامل في زيادة التوجه نحو قطاع العقارات، ومنها التراجع الذي شهدته سوق الصناعات الزراعية والإنتاجية بسبب عدم توفر الطاقة وارتفاع أسعار المواد الأولية والحصار والعقوبات في السنوات الأخيرة، والتي أدت إلى قيام العديد من المستثمرين بتغيير مسار استثماراتهم وتحول جزء منها إلى الاستثمار العقاري، علاوة على حالة الانكماش الاقتصادي وتزايد حجم التضخم، إضافة إلى الحاجة إلى إعمار ما تهدم خلال سنوات الحرب وما يرتبط بها من تزايد الطلب على عودة المهجرين إلى بيوتهم وتصليح الأضرار التي تعرضت لها مناطقهم بفعل الار*ها*ب، ناهيك بدور الإجراءات التي تتخذها الدولة لدعم هذا القطاع.
وفي تقارير نشرتها “تشرين” أظهرت بيانات لوزارة المالية أن قيمة العقارات المباعة في المحافظات السورية منذ بداية العام الجاري 2022، ولغاية الربع الأول ارتفعت إلى أكثر من 3 آلاف مليار ليرة، وتبلغ نسبة هذه الزيادة 8.3 بالمئة، مع تسجيل 116.2 ألف عقد بيع، فيما بلغ عدد عقود الإيجار 57 ألفاً و200 عقد.
وحسب تقرير للوزارة، فقد سجل سوق العقارات معدل نمو أسبوعي بلغ 9.4 بالمئة، ومعدلاً يومياً لعدد العقود المنفذة في آخر أسبوع 1933 عقداً، كما ارتفع المعدل الوسطي اليومي للقيم الرائجة لعقود البيع المنفذة في آخر أسبوع إلى نحو 49.4 مليار ليرة.
وحول هذه الأرقام يلفت خياط إلى
أن الزيادة المستمرة في أسعار سوق العقارات في دمشق تعود إلى عوامل غير مرتبطة باحتياجات الإسكان في حد ذاتها، بل بالمضاربة، فبسبب سماسرة العقارات الذين أصبحوا أبرز مشتري وبائعي العقارات وخصوصاً على موقع “فيسبوك”، أدت المضاربة إلى ارتفاع أسعار العقارات، بينما ظل المواطنون العاديون غير قادرين على شراء منازل، وارتفعت أسعار العقارات في دمشق أسوة بكل شيء، حيث تصل أسعار المنازل إلى مليار ليرة سورية، فيما تساوي تكلفة الإكساء تكاليف البناء إذا لم يتم تجاوزها.
وأضاف: يجد البعض أن العقارات هي المكان الأكثر أماناً لاستثمار مدخراتهم، إذا كان بإمكانهم تحمل تكاليفها، وفي السنوات الأخيرة، أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل مضطرد عند قياسها بالقيمة الإسمية، ولاسيما في المناطق التي تقع ضمن المخطط العام لمدينة دمشق، أحد أكثر المواقع رواجاً.
هذا وتعتبر العقارات أبرز وأهم الأسواق، وأكثرها نشاطاً حتى في فترات الركود الاقتصادي أياً كان سببه، وذلك نتيجة خضوعها للعرض والطلب، وسعي الكثيرين للادخار فيها في ظل عدم وجود استقرار مالي.
أما بالنسبة لتكلفة مواد البناء فهي لاتزال في ارتفاع بشكل عام، تماماً مثل بقية المواد التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير.