تحت مطرقة معادلة جديدة..؟!.. المواطن يعاني من تأمينها والشركات تتذرع بارتفاع أسعار المواد الأولية وتكاليف الشحن
أصحاب معامل: التسعير غير المنصف يسبب سوقا سوداء.. 100 مليون دولار قيمة المواد الأولية المستوردة سنوياً
قال مدير أحد معامل الأدوية لـ« تشرين» إن موضوع تأمين الأدوية بات مشكلة ، وإن الأشهر القادمة ستكون الأصعب.
وإن فقدان بعض الأنواع في الأدوية قد يطول الكثير من المركبات، ولن يبقى لأنواع كما هو الآن.
حيث إن النقص حالياً يطول بالدرجة الأولى أدوية المضادات الحيوية التي توقفت بعض المعامل بشكل كبير عن إنتاجها.
وعند التواصل مع بعض أصحاب المعامل أجمعت الآراء على أن الأسباب تعود للتسعيرة غير المنصفة التي لا تغطي التكاليف، واستنكر عدد من أصحاب المعامل رفع وزارة التجارة الداخلية بشكل دائم لأسعار المواد، كرفع سعر جرة الغاز لأكثر من أربعة أضعاف، ورفع سعر الخبز، بينما يمتنعون عن تحديد تسعيرة منصفة ومرنة للدواء.
وأكدوا أنه تم منذ أشهر إيقاف استيراد المواد الأولية لصناعة الدواء رغم الإعفاءات الجمركية، ولكن ظل موضوع التدقيق في مصادر تأمين القطع اللازم للاستيراد يسبب أحد أبرز مشاكل الاستيراد.
لا ثالث لهما
وبيّن أصحاب المعامل أن العمل يتم حالياً بطريقتين:
• إما أن المواد الأولية متوافرة والوزارة لم تسمح له بالتوقف.
• أو اعتماد طريقة في البيع وفق التكلفة، من دون الالتزام بتسعيرة وزارة الصحة، و هذا يعني نشوء سوق سوداء نظامية، كأن يقول صاحب المعمل أو الصيدلية إن الجهة المعنية سعرت هذا النوع من الدواء مثلاً بمبلغ 1000 ليرة، ولكنه لا يستطيع بيعه بأقل من ألفي ليرة وعلى طالب المادة الاختيار بين الحصول عليها بالتسعيرة الجديدة أو لا؟
وأشار أصحاب معامل إلى أن اعتماد هذه الآلية جعل كل من يعمل فيها مخالفاً، وهذا يعني أن مزيداً من التدقيق يعني إغلاق الكثير من المستودعات والصيدليات.
وأكد أصحاب معامل أن أكثر الأنواع المفقودة هي الصادات الحيوية بكل أنواعها، وأن كيلو الباراسيتامول ارتفع سعره من 1500 دولار إلى 12 ألف دولار، ولكن ما زال يسعر الظرف بمبلغ لا يتجاوز 200-300 ليرة، بينما يجب ألّا يقل سعره عن 1000 ليرة تبعاً لتكلفته.
وتساءل بعض أصحاب المعامل عن أسباب عدم مساواتهم مع شركة “تاميكو” التي لا تلتزم بتسعيرة وزارة الصحة لأنها تتبع لوزارة الصناعة، وأسعار أدويتها أعلى من تسعيرة أدوية القطاع الخاص.
لا أحد يبيع بخسارة
رئيس المجلس الدوائي الدكتور فيصل الرشيد أكد أن النقص في الدواء قد يكون حالة مستمرة ما لم يتم إعادة التسعير بشكل منصف، وأن أنواعاً كثيرة من الأدوية قد تُفقد من الأسواق، لأنه لن يشتري أي معمل دواء على تسعيرة 3500 ليرة ومن ثم يبيع بسعر 1600 ليرة!
وأكد أن قيمة المواد الأولية التي يتم استيرادها تصل إلى 100 مليون دولار سنوياً، وأنه في حال تم استيراد هذه المواد جاهزة ستصل قيمتها إلى 500 مليون دولار.
وعن مصادر الحصول على المواد الأولية قال د. رشيد إنها تأتي من أوروبا ومن الصين التي أصبحت معملاً للعالم كله، وإنه حتى أوروبا تحصل على المواد الأساسية لصناعة الدواء من الصين ثم تكمل تصنيعها.
وذكر رشيد أسباباً داخلية وأخرى خارجية لارتفاع أسعار الدواء:
الخارجية منها تتعلق بالأزمة العالمية وارتفاع أسعار المواد الأولية على مستوى العالم بسبب أزمة كورونا، وكذلك موضوع الشحن وارتفاع أجوره عالمياً، والحصار الذي يعوق وصول البواخر للموانئ السورية واللبنانية.
أما الأسباب الداخلية فتتعلق بصعوبة التحويل وقرارات المركزي والتضييق على الاستيراد والضغط على المستوردين لمعرفة مصادر التمويل، وأكد أن التمويل من المصارف متعب وبطيء، وعملية الاستيراد مرهقة ومعقدة، وشركات الصرافة التي ينحصر الاستيراد عبرها لا تستطيع التحويل إلى البلدان التي يتم شراء المواد منها، وتطلب أن يتدبروا أمورهم بعد التحويل بسعر 3500 ليرة إلى دول أخرى.
وبين رشيد أنه تم تقسيم تصنيع الدواء لقسمين عند تسعيره:
المواد الأولية، وهي ما يتم تسعيره فقط مع التغاضي عن تسعير مستلزمات الإنتاج المتعددة والمتنوعة، من مواد البلاستيك الكبسول المطاط الكرتون …الخ وكل هذا لا يدخل ضمن التسعيرة رغم أن أسعاره في الكثير من الأحيان تفوق سعر المادة الأولية كما أضاف رشيد.
ويرى د. رشيد أنه من غير المنطقي أن يتم التعامل معهم على أساس 1630 ليرة بينما السعر الحقيقي بالعملة الصعبة له يتراوح بين السعر الرسمي 2550 ليرة و3500 ليرة في السوق الحر، وهذا يعني أن الفرق كبير بين التكلفة والمبيع.
ويعني أيضاً خسائر لا قدرة للمعامل على تحملها، ووصف مطالب معامل الأدوية بتعديل الأسعار بالمحقة، وبأنها تأتي أيضاً رحمة للمواطن، لكيلا يحل الدواء المهرب بديلاً، وسعره أضعافاً مضاعفة حتى لو ارتفع سعر المنتج المحلي بنسبة تتراوح بين5- 10 أضعاف، يظل سعره أقل من المهرب أو المستورد.
وقال: إن الحل هو في تعديل الأسعار بالسرعة اللازمة، وذلك استجابة لرغبات المعامل، ووصف هذا الإجراء بالمنقذ للمعامل وللمواطن، لأن المواطن يتكبد الآن عناء البحث عن الدواء من صيدلية لأخرى ويتكلف أعباء مواصلات كبيرة.
للمرة الثانية
يذكر أن هذه هي المرة الثانية بين معامل الأدوية والجهات الرسمية المعنية بالتسعير خلال أشهر، إذ إنه تم رفع السعر في المرة السابقة من 470ليرة إلى 1600 ليرة للدولار، ويرى د. رشيد أن رفع السعر لم يتجاوز نسبة 30% وظلت الفروقات بنسبة 70% بين التسعيرتين، وأن المعامل تعمل بما هو متاح عندها خلال هذه الفترة حتى ينفد.