خدعٌ بصرية وصناعة معارك…حسام الحمَد يُلوّن درامانا بخياله!
بدأ خبير المؤثرات والخدع البصرية “حسام الحمَد” مشواره في الدراما التلفزيونية مع مسلسل “التغريبة الفلسطينية” للمخرج الراحل “حاتم علي”، ومعه أيضاً كانت التجربة الأهم على حد تعبيره في المسلسل التاريخي “ملوك الطوائف” لكونه أوّل عملٍ دراميٍ سوري يخضع لتصحيحٍ لوني.. إنجازٌ حققهُ الرجل بجدارة وأتبعه سريعاً بآخر حين عرض عليه الفنان “أيمن زيدان” العمل ضمن شركته، ومن خلالها أدخل لأوّل مرة نظام المونتاج الرقمي للدراما السورية، مُحدثاً تغييراً كُلّياً في المُنتَج الفني.
ومع تشّعب خبرته ومهامه في عالم المؤثرات البصرية التلفزيونية والسينمائية، بما فيها من صناعة المعارك وتدريب المقاتلين إلى عمليات تدمير الأبنية والتفجيرات والحوادث، وما يُمكن تخيله من شخصياتٍ وأزمنة وأمكنة، أصبح الحمَد اسماً حاضراً كمخرجٍ لشارات المسلسلات وصانعاً للخدع البصرية ومصمماً للغرافيك، إضافة إلى أنه مدير استديو ومشرفٌ على مختلف العمليات الفنية، ومن الأعمال التي ساهم في ظهورها: عندما تشيخ الذئاب، لورنس العرب، حرائق، مشاريع صغيرة، طاش ما طاش الأصلي، حارة المشرقة، ملح الحياة.
يقول الحمَد في حديثه لـ”تشرين”: “حين فكرتُ في هذا المجال عام 2001، كان الحديث عن المؤثرات البصرية مُزاحاً.. حضورها متواضع جداً عندنا مع قلّة المعلومات والعاملين فيها، لذلك كان المجهود شخصياً، جرّبت وبحثت في الكتب والمراجع والانترنت، التحقت بمعاهد ودورات، وقادني شغفي..لاحقاً عملتُ في شركةٍ للرسوم المتحركة، ومنها إلى عوالم التلفزيون، أثبتُ نفسي حتى أصبحتُ موضع ثقة لدى كبار المخرجين والفنانين، منهم عرّابي الفنان أيمن زيدان، قدّم لي ثقةً كبيرةً ومساحةً للعمل، كذلك كان عملي مع الراحل حاتم علي، شراكة لم تتكرر”.
وبعد أن كان شريكاً للآخرين في مشاريعهم وشركاتهم، فضّل أن يكون له مشروعه الخاص في استديو RGB عام 2009، يضيف: “واجهت صعوباتٍ عديدة، احتجت كوادر وكان عليّ تدريبها، في تلك الفترة كانت الدراما السورية في أوج نجاحاتها، لذلك كان إقبال الشباب كبيراً للتعلّم في مجال الخدع البصرية، شيئاً فشيئاً بدأنا وتتابعت أعمالنا، كما أصبحت لي مشاركات عالمية إحداها مع “برايم فوكس”، شركة هندية لها فروع في أمريكا وبريطانيا”.
يؤكد خبير المؤثرات البصرية أن العمل الاحترافي في مجاله، يجب ألّا يكون ملحوظاً بالنسبة للمتفرجين، رغم أن المتلقي اليوم صار قادراً على كشف الخدع، ليبقى التقييم محصوراً بالمختصين. يقول: “عملنا يبدأ مع نهاية التصوير إلى مرحلة العرض للجمهور، ليشمل المونتاج المرئي والمؤثرات بصرية وتصحيح الألوان، إضافة إلى الشارة والغرافيك والبروموشِن، بالطبع تختلف المهام المطلوبة منا من عمل إلى آخر، كمسلسلات وأفلام، وفي المسرح يمكن أن نكون شركاء فقط في حال وجود شاشات إسقاط ضمن العرض”.
قدّم الحمَد تجربةً مميزة في مجال شارات المسلسلات الدرامية، فهي -كما يعدها- عملٌ فنيٌ مستقل ورحلة تجريبٍ مستمرة مع المخرجين بناءً على تصوراته وأفكاره، منها شارة مسلسل “دور العمر”، وصناعة “تتر” شارة مسلسل “داون تاون”. وفي رصيده أيضاً شارات مسلسلات “شوق”، “صدر الباز”، “عندما تشيخ الذئاب”، لتتبلور التجربة في مسلسل “سوق الحرير”. يقول: “هذه الشارة خرقٌ حقيقي لكل ما تم تقديمه في الشارات العربية، فهي فكرة خارج الصندوق، مبتكرة من الصفر، استعنتُ بنحاتين لتصميم مجسماتٍ، تم تصويرها فيما بعد بعدساتٍ مخصصة لها “.
شارك الحمّد بـ 12 عملاً تاريخياً منها “خالد بن الوليد” و”خيبر”، لتأتي مشاركته الأبرز في التصوير باستخدام الطائرات وإخراج المعارك وحشد الجنود وتدريب الممثلين على المبارزة في مسلسل “الإمام أحمد بن حنبل”، عنه يقول: “درّبت الفنانين سلوم حداد ورامز أسود على القتال، الأصح أنني حاولت ابتكار فكرة للقتال، تتخطى الشكل المعتاد للمبارزة بالسيوف، بحيث تكون هناك هوية لكل شخصية مقاتلة، كما درّبت 15 مجازفاً على الحركات الخطيرة، وضعتُ سيناريوهاً خاصاً للمعارك التي ضمت 150 شخصاً واستغرق التحضير لها حوالي 3 أشهر، كانت النتيجة رائعة بشهادة الخبراء والجمهور”.
عقباتٌ كثيرة تواجه الحمَد كصانع مؤثرات لكن أكبرها تتمثل بإقناع الآخرين بأفكاره ورؤاه، في حين أن احتياجات العمل الأساسية المفقودة منذ أعوام هي “الكهرباء والانترنت”، وفي السياق نفسه يأتي غياب الكوادر المختصة، لينعكس على صناعة الدراما السورية، يضيف: “المختصون قلّة ومعظمهم غادروا البلاد.. سابقاً كانت المنافسة كبيرة لكن الخلل الحاصل دفع البعض للاستعانة بخبرات من خارج سورية بعد أن ساد العكس لزمنٍ طويل، حقيقةً المُنتَج المحلي تضرر، وفي المستقبل للأسف سنرى دراما رخيصة وإنتاجاتٍ خارج سورية”.
يتمنى الحمَد أن تتشجع درامانا للذهاب نحو مسلسلات الخيال العلمي والعوالم الافتراضية، وإن كان هذا مرتبطاً بتوافر بنى تحتية ومؤسسات مختصة لتقديم المؤثرات البصرية اللازمة كمكّون رئيس، يقول: “هذا النوع الترفيهي خطير ومكلف، وربما يفشل إذا لم يكن مشغولاً بحرفية، وعلى أي حال الوقت غير مناسب، الأفضل أن تهتم الدراما بهموم الناس اليومية وإشكاليات المعيشة، أي مسلسل عن الخيال العلمي لن يُلامسنا كسوريين في هذه المرحلة”.