دهشة «صادمة» ارتسمت على وجهه عند مروره «مصادفة» ووقوفه أمام محلات الألبسة الشتوية للفرجة، فحال الجيوب لا يسمح بمجرد التفكير بالتوجه لشراء قطعة واحدة، فكيف إن تجرأت الأسرة وفكرت بشراء كسوة كاملة لأفراد عائلتها بعد ارتفاع أسعار فاق كل التوقعات وسط صمت«موجع» لصناع قرار باتوا يكتفون بتصريحات مقلمة الأظافر لا تردع «منتجي» الغلاء عن مواصلة خططهم بتحويل جميع السلع إلى قائمة الكماليات.
منتجو الألبسة عبروا صراحة عن رفع أسعار ألبسة الشتاء أضعافاً في تحذير لن يصب في مصلحتهم ولا مصلحة محدودي الدخل من جراء عدم اتخاذ أي حلول بديلة لمواجهة هذا الواقع المأساوي من القطاع الخاص أو مؤسسات العام التدخلية، والتعاون بتأمين هذه السلع بأسعار مقبولة وإنتاجها بكميات كبيرة ونوعية جيدة وطرحها لاحقاً في صالات «السورية للتجارة» مع مبادرة وزارة التجارة الداخلية وإن جاء ذلك متأخراً إلى فرض عقوبات مشددة وإلغاء عقوبة 25 ألفاً التي تشجع التجار على مواصلة جشعهم لكونها لا تتعدى سعر قميص واحد ويمكن دفعها ببساطة، ولكي لا نتهم بالوقوف خلف إصبعنا نقرّ بوجود أسباب منطقية لغلاء الألبسة، لكن في المقابل لا يمكن لعاقل الإقرار بأسعارها الفلكية وخاصة عند النظر إلى القدرة الشرائية للمواطن، الذي بات يعتقد جازماً أن هذه الأسعار موجودة في أسواق المريخ وليس سورية بلد الإنتاج والتصنيع، فتجارب الماضي تشير إلى مقدرة صناعيي الألبسة على تصنيع احتياجات البلد بأسعار مقبولة والتوجه إلى صنع الاكتفاء الذاتي ورفع منتجات «صنع في سورية» في الأسواق العالمية.
غلاء أسعار الألبسة الشتوية لا تتحمله الحكومة الحالية وسابقتها فقط، فتفكير صناع الألبسة «النفعي» القائم على الرغبة المستمرة في الربح «الوافر» برغم الأزمات المتواصلة جزء من تعقيد المشكلة، التي يحتاج حلها فقط تفعيل الإنتاج ودعم القطاع الصناعي، ما يسهم بإنقاذ صناعة الألبسة الجاهزة ويكافح المهربات، وهذا لن يتحقق مادامت صناعة حلب بقيت بعيدة عن اهتمام صناع المطبخ الاقتصادي من دون تنفيذ وعود الدعم الفعلي القادر على تحريك عجلة معاملها وأسواقها الراكدة مع إصلاح حال المعيشة تدريجياً.